دراسة خاصة بتنمية تعليم الكبار؛ بند على جدول أعمال لجنة التربية بالمؤتمر العام لليونسكو

2013/08/31

عملاً بالاقتراح الصادر عن المؤتمر الدولي الثالث لتعليم الكبار (طوكيو، 1972)، اعتمد المؤتمر العام لليونسكو في دورته التاسعة عشرة (نيروبي، 1976) التوصية الخاصة بتنمية تعليم الكبار. وباعتبارها الوثيقة التقنينية الرئيسية التي تتناول السياسات والممارسات الخاصة بتعليم الكبار، فهي تضع مبادئ توجيهية ونهجاً شاملاً لتعزيز وتنمية تعليم الكبار. وعملاً بقرار المؤتمر العام الصادر في دورته الرابعة والثلاثين، وطبقاً لأحكام الإجراءات المحددة المتعددة المراحل لرصد تطبيق اتفاقيات وتوصيات اليونسكو التي لم توفر لها أي آلية مؤسسية مخصصة لهذا الغرض، تتولى أمانة اليونسكو رصد هذه التوصية باعتبارها مسألة ذات أولوية.

وفي عام 1997، اعتمد المؤتمر الدولي الخامس لتعليم الكبار « جدول أعمال المستقبل » وفيها طلب بأن تقوم اليونسكو بالخطوات المناسبة لتحديث التوصية الخاصة بتنمية تعليم الكبار(توصية عام 1976). وفي سنة 2009، اعتمد المؤتمر الدولي السادس لتعليم الكبار « إطار عمل بيليم »، الذي دعا اليونسكو مجدداً إلى مراجعة و تحديث التوصية المذكورة بحلول سنة 2012، وطلب بأن تضطلع اليونسكو « بتنسيق عملية رصد على المستوى العالمي لاستعراض ما يحرز من تقدم في مجال تعلم الكبار وتعليمهم وتقديم تقارير دورية في هذا الشأن ». ويتولى معهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة عملية الرصد من خلال التقرير العالمي عن تعلم الكبار وتعليمهم.

وطبقاً لأحكام الإجراءات المحددة المتعددة المراحل الآنفة الذكر وعملاً بالجدول الزمني لعمل اللجنة المختصة بالاتفاقيات والتوصيات للفترة 2009- 2013 الخاص بتطبيق الوثائق التقنينية التي ينبغي أن يتولى المجلس رصدها، قُدم إلى المؤتمر العام في دورته السادسة والثلاثين، في عام 2011، تقرير جامع بشـأن تطبيق الدول الأعضاء لتوصية عام 1976، أُعد بالاستناد إلى التقرير العالمي الأول عن تعلم الكبار وتعليمهم. وقد دعا المؤتمر العام المديرة العامة لليونسكو إلى النظر في استعراض توصية عام 1976 وتحديثها كي تتضمن الإشارة إلى التحديات التعليمية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المعاصرة المبيّنة في « إطار عمل بيليم ». وعملاً بقرار المؤتمر العام بالخصوص، عُرضت على المجلس التنفيذي في دورته التاسعة والثمانين بعد المائة خطة عمل من أجل استعراض وتحديث توصية عام 1976. وطبقاً لأحكام القرار الصادر عنه، اعتُمدت خطة العمل آنفة الذكر وطُلب من المديرة العامة أن تعرض الجوانب التقنية والقانونية لمدى ملاءمة مراجعة توصية عام 1976.

وكخطوة أولى نحو تنفيذ الخطة، عُقد اجتماع خبراء (ضمَّ خمسة أخصائيين في مجال تعلم الكبار وتعليمهم من أفريقيا، وآسيا، وأوروبا وأمريكا الشمالية، وأمريكا اللاتينية والكاريبي) في يوليو 2012 بغية إعداد المشروع الأول للدراسة الأولية. وإذ أحاط فريق الخبراء علماً بأن توصية عام 1976 تعتبر وثيقة استشرافية تستعرض نهجاً

قائماً على الحقوق، فقد أشاروا كذلك إلى الحاجة إلى إعادة صياغة أجزاء هامة من هذه الوثيقة في ظل التغير السريع للأوضاع على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية.

وعقب ذلك، نظم معهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة منتدى تشاورياً على الإنترنت (24 سبتمبر- 5 أكتوبر 2012) بغية إثراء نتائج اجتماع الخبراء وتعزيزها. واستقطب هذا المنتدى آراء 374 مشاركاً من أكثر من ثلاثين بلداً، ورأى أن الصيغة المعدلة من توصية 1976 ينبغي أن تكون وثيقة تقنينية دولية خاصة بتعلم الكبار وتعليمهم تتسم بالحداثة وتوفر التوجيهات الملائمة من أجل التصدي للتحديات القائمة.

وتُقدَّم الدراسة الأولية لمدى ملاءمة مراجعة توصية عام 1976 إلى المجلس التنفيذي في دورته الحادية والتسعين بعد المائة بالتزامن مع الدراسة الأولية لمدى ملاءمة مراجعة توصية عام 2001 المعدلة المتعلقة بالتعليم التقني والمهني. وقد أُعدت كلا الدراستين بطريقة تعبر عن منظور التعلم مدى الحياة للجميع، على النحو المعرب عنه في « إطار عمل بيليم » الذي اعتمده المؤتمر الدولي السادس لتعليم الكبار وفي وثيقة « توافق الآراء في شنغهاي » الصادرة عن المؤتمر الدولي الثالث بشأن التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني (2012).

مدى ملاءمة مراجعة التوصية الخاصة بتنمية تعليم الكبار

طوال السنوات الست والثلاثين الماضية، أي منذ اعتماد توصية عام 1976، شهد العالم عدة تحولات. فمن خصائص عصرنا اليوم أنه يتسم بالعولمة، وبسرعة التطور العلمي والتكنولوجي، والأزمة المالية الأخيرة، والتحولات الديمغرافية، وتزايد أعداد الأشخاص المسنين بين السكان، والهجرة والتوسع العمراني، والتهديدات التي تحيق بالسلام والأمن، والتغيرات المناخية الحادة. كما أن للنسب العالية للبطالة، ولاسيما في صفوف البالغين من الشباب، تأثيراً سلبياً على رفاه البلدان. وتدعو هذه التحديات الدول الأعضاء إلى توفير فرص التعلم للجميع خارج إطار التعليم النظامي بغية تنمية مهارات وكفاءات أكثر تعقيدًا.

وقد أدت هذه التحديات الجديدة إلى ظهور تطورات جديدة في مجال التعليم مما يسفر عن تزايد متطلبات تعليم الكبار. وقد أكدت الدول الأعضاء التي وقعت « إطار عمل بيليم »، وعددها 144 دولة، أن « تعلم الكبار وتعليمهم يزوّد الناس بالمعرفة والقدرات والمهارات والكفاءات والقيم اللازمة لممارسة وتعزيز حقوقهم وامتلاك زمام مصائرهم. كما أن تعلم الكبار وتعليمهم يشكلان عنصراً حاسماً لا بد منه للإسهام في تحقيق الإنصاف والاستيعاب، والمساعدة على تخفيف وطأة الفقر وبناء مجتمعات قائمة على المعرفة تتسم بالإنصاف والتسامح والقدرة على الاستدامة ». لكن مجال تعلم الكبار وتعليمهم يبقى هشّاً، ويتطلب المزيد من الدعم المفاهيمي والسياسي من أجل تعزيز الهياكل التنظيمية وتوفير تمويل منتظم وتوثيق أُصر التعاون الفعال بين جميع الأطراف المعنية.

فينبغي أن تتضمن التوصية المعدلة الخاصة بتنمية تعليم الكبار التعبير عن هذه التطورات والتحديات، مع مراعاة نتائج كل من المؤتمر الدولي الرابع والخامس والسادس لتعليم الكبار، بالإضافة إلى الأُطر الأخرى ذات الصلة والتي يمثل فيها تعلم الكبار وتعليمهم عنصراً محورياً يندرج ضمن نظام كلي وشامل للتعلم مدى الحياة.

كما ينبغي أن تعبّر الصيغة المعدلة بشكل واضح عن الدور المحوري للتعلم مدى الحياة في التصدي للتحديات العالمية المتمثلة في الحد من الفقر وتوفير الوظائف وتحقيق تنمية جامعة ومستدامة. وينبغي أن تؤكد هذه الصيغة على دور محو الأمية باعتبارها دعامة لا غنى عنها تمكّن الناس من الانتفاع بفرص التعلم في جميع مراحل سلسلة التعلم المتواصل، ومن بناء قدراتهم لمجابهة التحديات المتغيرة الأشكال في الحياة. كما ينبغي أن تسلط الضوء على الاستراتيجيات المحورية التي تحظى بالأولوية لدى العديد من الدول الأعضاء في مختلف أنحاء العالم وتسعى إلى إرساء نهوج خاصة بالتعليم والتدريب والعمالة تتسم بالمزيد من التكامل، بما في ذلك الاعتراف بشهادات التعلم غير النظامي وغير الرسمي وإقرارها واعتمادها، والتعليم والتدريب في المجال التقني والمهني.

وينبغي أن يتم تأمين المساهمة المتميزة التي يقدمها تعلم الكبار وتعليمهم إلى النظم التعليمية في الدول الأعضاء وأن يحظى بالاعتراف، بما في ذلك في المجالات المستعرضة من قبيل الصحة، وحماية البيئة، والأمن الغذائي، والممارسة الديمقراطية للمواطنة والمشاركة، والإنتاجية الاقتصادية والاجتماعية، وتغير المناخ، وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وثقافة السلام، والتحولات الديمغرافية.

وتتضمن توصية عام 1976 مصطلحات تجاوزها الزمن. فبعض المصطلحات صارت اليوم « خاطئة من الناحية السياسية » ولا تراعي الاعتبارات الجنسانية. كما أن الوثيقة تعتبر طويلة وغير عملية. وإن من شأن وثيقة أقل طولاً وأكثر تحديداً أن تؤدي دورها كوثيقة تقنينية بشكل أكثر فعالية وأن تيسر عملية رصد تنفيذها. كما ينبغي أن تشير إلى الوثائق التقنينية التي وضعتها أو ستضعها اليونسكو بالشراكة مع المنظمات الدولية والإقليمية (مثل التوصية المعدلة المتعلقة بالتعليم التقني والمهني، وإطار عمل بيليم، والتوجيهات المتعلقة بالاعتراف بشهادات التعلم غير النظامي وغير الرسمي وإقرارها واعتمادها)، وهو ما سيعزز قدرتها على التكيف مع السياقات المختلفة ومع التغيرات عبر الزمن.

وسيجري رصد تنفيذ التوصية المعدلة من خلال رصد تطبيق إطار عمل بيليم باستعمال الآليات الموجودة، من قبيل آلية إعداد التقارير عن كل ثلاث سنوات من أجل إصدار التقرير العالمي عن تعلم الكبار وتعليمهم.

العملية المقترحة لمراجعة توصية عام 1976

من المزمع أن تتم مراجعة توصية عام 1976 بالاستناد إلى الاستعراض الذي قام به اجتماع الخبراء وإلى العملية التشاورية على الإنترنت، مع الأخذ بعين الاعتبار المسائل والتوجهات العالمية في مجال تعليم الكبار كما وصفها التقرير العالمي عن تعلم الكبار وتعليمهم، وذلك مع اعتماد نهج تشاركي وتكثيف المشاورات مع الأخصائيين والمنظمات المعنية.

وبغية تقليص التكاليف وتعزيز سبل التآزر إلى أقصى حد ممكن، سوف تنتفع العملية التشاورية بعملية إعداد التقارير عن كل ثلاث سنوات من أجل إعداد الإصدار القادم من التقرير العالمي عن تعلم الكبار وتعليمهم لسنة 2015. وستستفيد كذلك من عمليات أخرى ذات صلة، مثل النقاشات التي تتناول مكانة المهارات والكفاءات والتعلم مدى الحياة في جدول الأعمال الدولي الخاص بالتعليم والتنمية لفترة ما بعد عام 2015، والتعليم من أجل التنمية المستدامة، والمشاورات بشأن إمكانية إدخال تعديلات جديدة على توصية عام 2001 المعدلة المتعلقة بالتعليم التقني والمهني.

ونظراً للعملية التشاورية الشاملة المزمع القيام بها مع الدول الأعضاء، وبالنظر إلى القيود المالية الراهنة من المنتظر أن تدعو المديرة العامة الدول الأعضاء إلى النظر في أن توصي المؤتمر العام باتخاذ قرار يقضي بعدم إنشاء لجنة خاصة لبحث التقرير النهائي، وبالقيام عوضاً عن ذلك بإجراء مشاورات باستعمال وسائل بديلة فعالة التكلفة وتتسم بالتجديد.

المصدر: اليونسكو (بتصرف)

Print This Post