تقرير عن الدورة التاسعة عشر للجنة الدولية الحكومية لتعزيز إعادة الممتلكات الثقافية الى بلادها الاصلية او ردها في حالة الاستيلاء غير المشروع

2014/11/3

عقدت اللجنة الدولية الحكومية لتعزيز إعادة الممتلكات الثقافية إلى بلادها الأصلية أو ردّها في حالة الاستيلاء غير المشروع دورتها التاسعة عشر بمقر اليونسكو بباريس يومي 1- 2 اكتوبر 2014. وقد شاركت ليبيا في الاجتماعات بصفة مراقب، ومثّلها السيد خالد الهدار، الباحث الأثري وعضو هيئة التدريس بجامعة بنغازي. أُنشئت اللجنة في عام 1978 لتطبيق ما جاء في اتفاقية اليونسكو الخاصة بمنع أو حظر الاتجار بالممتلكات الثقافية لعام 1970، وهي تجتمع عادة كل سنتين. تتكون اللجنة من 22 عضوا يُنتخبون كل اربع سنوات من قبل المؤتمر العام لليونسكو، بحيث يجدد نصف أعضاء اللجنة كل سنتين. أعضاء اللجنة الحاليون هم:

أ‌) دول تنتهي عضويتها عام 2015: أفغانستان، الكاميرون، قبرص، مصر، اليابان، مدغشقر، بيرو، بولندا، سوريا، تركيا.

ب‌)  دول تنتهي عضويتها عام 2017: الأرجنتين الصين، غواتيمالا، الهند، العراق، المكسيك، نيجيريا، جمهورية كوريا، رومانيا، السنغال.

واللجنة، كما جاء في المادة الرابعة من نظامها الأساسي، تختص بالبحث عن الوسائل الكفيلة بتسهيل المفاوضات الثنائية لرد أو إعادة الممتلكات الثقافية إلى بلادها الاصلية، وتقدّم اقتراحات إلى الدول الأعضاء تستهدف الوساطة أو التوفيق. وتعني الوساطة دخول طرف خارجي للجمع بين الطرفين ومساعدتهما في الوصول إلى حل، في حين يعني التوفيق موافقة الطرفين المعنييّن بعرض القضية التي بينهما على هيئة رسمية تساعد في حل القضية. والجدير بالذكر ان عملية الوساطة او التوفيق غير ملزمة للطرفين .

أعمال اللجنة في دورتها التاسعة عشر:

انطلقت اعمال اللجنة في الساعة العاشرة من صباح الاربعاء 1 اكتوبر. وقد بدأت مراسم الافتتاح بكلمات ترحيب مختصرة من قبل رئيس اللجنة في دورتها الثامنة عشر، البروفيسور لي (جمهورية كوريا)، ومساعد المديرة العامة للثقافة، السيد الفريدو بيريز ذي ارمينان، اللذان أكدا على أهمية عمل اللجنة ودورها في تسهيل إعادة الممتلكات الثقافية إلى بلادها الأصلية، وضرورة دعم جهودها سواءً من قبل الحكومات أو الجهات الأخرى كالمتاحف ودور العرض، وكذلك في الجوانب المتعلقة بالإجراءات القانونية والإدارية، والمالية وتوعية الجمهور. وشهدت الافتتاحية كلمة بعنوان الدبلوماسية الثقافية وتطور اللجنة، للرئيس السابق لهذه اللجنة، الدبلوماسي والكاتب اللبناني صلاح استيتية، استعرض فيها تاريخ عمل اللجنة والهدف من تأسيسها، وتطرّق الى ذكرياته معها وما جابهها من تحديات. وبالفعل كانت كلمة معبرة ومشجعة على المضيّ قدماً في عمل اللجنة.

وبعد هذه الكلمة، جرى انتخاب أمانة اللجنة في دورتها التاسعة عشر، حيث انتخبت مالي رئيساً للجنة ومندوب ليتوانيا مقرراً لها. وبعد استلام مندوب مالي رئاسة اللجنة ومندوب ليتوانيا مقرراً لها، تحدث الرئيس الجديد للجنة شاكراً الدول الأعضاء على منحة الثقة واستعداده الكامل للتعاون مع أمانة اللجنة والدول الأعضاء والمراقبين في إنجاح عمل اللجنة في دورتها الجديدة. تلى ذلك انتخاب النواب الأربع للرئيس، حيث تم انتخاب كل من العراق وكوريا الجنوبية و قبرص و جواتيمالا، ممثلين عن مجموعاتهم الجغرافية.

عُرض بعد ذلك جدول اعمال الدورة المقترح، وتم اعتماده دون أي تعديل.

وكان البند التالي في اجتماعات اللجنة استعراض تقرير امانة اللجنة عن الأنشطة التي نُفذّت منذ انعقاد دورتها الثامنة عشر عام 2012، والذي تمحور حول عقد جلسة مفاوضات بين اليونان والمملكة المتحدة حول منحوتات البارثنون، وإعادة بعض تماثيل حضارة الخمير إلى كمبوديا من الولايات المتحدة، إضافة إلى أنشطة تشمل التوعية والدورات وإنتاج المطبوعات والاشرطة التوعوية وغيرها من الأعمال والأنشطة المختلفة التي وضّحها تقريرها الذي وزع على الحاضرين. وقد نبه ممثل ليبيا في الاجتماع إلى أن التقرير قد أهمل ما قامت به اليونسكو في ليبيا بالتعاون مع مصلحة الآثار في تنفيذ ورش عمل تخص حماية الممتلكات الثقافية، وطالب من خلال مداخلة له بضرورة تضمين هذه الأنشطة في التقرير.

استعرضت اللجنة بعد ذلك البند المتعلق بتقرير تقييم مرفق الإشراف الداخلي للعمل التقني الذي اضطلع به قطاع الثقافة في اليونسكو فيما يتعلق باتفاقية 1970 الخاصة بالتدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، وتركّزت مناقشات اللجنة فيما ذكره التقرير من ملاحظات، وطُرحت بعض الاستراتيجيات التي من شأنها تفعيل عمل اللجنة وتحسين أدائها، لعل أهمها إيجاد قاعدة بيانات جديدة تخص قضايا إعادة الممتلكات الثقافية، ووضع منهجية لتدريب المتخصصين في قطاع حفظ التراث الإنساني، وعمل مبادرات لتوعية المواطنين بطبيعة مسألة رد الممتلكات الثقافية وأهميتها. كما اكدت اللجنة على فتح أفق التعاون مع اللجنة الفرعية لاجتماع الدول الأطراف في اتفاقية 1970 التي أُنشئت عام 2012، وتحديد أنشطة اللجنتين وتكاملهما تفادياً للازدواجية في عملهما.

كما ناقشت اللجنة البند المتعلق ببعض القضايا العالقة المعروضة عليها اهمها منحوتات البارثنون، حيث استعرض مندوبا اليونان والمملكة المتحدة أبعاد هذه القضية وشارك الحضور في المناقشة وأصروا على عودة تلك المنحوتات إلى بلدها الأصلي، وأن يستجيب المتحف البريطاني لطلب اليونان. وقد استعرض ممثل ليبيا هذه القضية مشيراً إلى أن هناك الكثير من الآثار الليبية معروضة في ذلك المتحف وأن لبعضها أهمية خاصة، وناشد في مداخلته في أن يدرس المتحف البريطاني عودة الاثار الليبية المعروضة او المخزنة به. اما فيما يخص منحوتات البارثنون فقد سهّلت اللجنة اجتماع الطرفين (اليونان والمملكة المتحدة) الذين توصلا في النهاية إلى بيان أكدا فيه استمرار الاتصال بينهما في المستقبل وسعيهما لمزيد من التحاور من أجل إنهاء هذه القضية وإيجاد حل لها بمساعدة اللجنة والمديرة العامة لليونسكو.

واستعرضت اللجنة بعد ذلك بند مثال على الممارسة الجيدة في التعاون وإعادة الممتلكات الثقافية وهو نقل تمثال ميثراس من ألمانيا الى ايطاليا في شكل إعارة طويلة الأمد، وهي فكرة جديدة جديرة بالاهتمام ويمكن تطبيقها على الاثار الليبية المعروضة في المتاحف العالمية. فمن خلال الحوار مع المتاحف يمكن أن تعاد القطع على سبيل الإعارة طويلة المدى كخطوة لبقائها في بلادها الأصلية.

وعرضت أمانة اللجنة في مذكرة قدمتها حول بند الإجراء الواجب اتباعه لعرض حالة على اللجنة حيث جهّزت استمارة خاصة يُطلب عن طريقها استعادة قطعة من القطع، ويجب أن يُقدّم الطلب الى مديرة اليونسكو قبل ستة أشهر من اجتماع اللجنة حتى يتيسر على اللجنة عرضه في اجتماعها القادم.

ناقشت اللجنة أيضاً النظام الداخلي للوساطة والتوفيق وتحديد قائمة الوسطاء والموفّقين، وقدمت الوثيقة المصاحبة معلومات عملية عن القضايا المواضيعية والإجرائية وقائمة محدثة بأسماء الوسطاء.

وفي مداخلة لها استعرضت السيدة ماريا شنايدر الموظفة الرئيسية في يونيدروا (المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص)، الأحكام المنظمة لملكية الدول للقطع الثقافية غير المكتشفة بحيث تورد القوانين المحلية الأحكام الواردة في اتفاقية عام 1970، أي حظر تصدير ونقل الممتلكات الثقافية بطريقة غير مشروعة خارج بلادها، وقد أكدت اتفاقية يونيدروا على ذلك. وهذا من شأنه اثبات الملكية للقطع وفقا للقوانين المحلية، ويجب ان تهتم الدول بإحالة تشريعاتها لدى اليونسكو.

كما ناقشت اللجنة أيضاً بند الموارد المالية الداعمة لها او ما يسمى صندوق اللجنة، وقامت الأمانة بالنشر الاعلامي من أجل استرعاء الانتباه إلى وجود الصندوق وإلى فرص التمويل التي يمنحها، حتى تتشجع الدول الأعضاء على تقديم مساهمات طوعية اليه لجعله أكثر قدرة على العمل.

وعرض  السيد أ. هالديمان من جامعة بيرن ورقة علمية عن الحقائب الدبلوماسية والسلع الثقافية حيث خلُص من عرضه عبر استعراض تاريخ السرقات الأثرية والثقافية أن بعض الدبلوماسيين ينقلون في حقائبهم بعض الممتلكات الثقافية في الدول التي يعملون بها، وهذا يؤدي إلى خروج القطع من مكانها الأصلي بطريقة غير مشروعة، وفي النهاية إلى بيعها ونقل ملكيتها من شخص إلى آخر بعيداً عن مكانها الذي أُخذت منه، ويعتبر ما عرضه الباحث تنبيهاً مهماً للدول لمراقبة الدبلوماسيين وعدم تمكينهم من نقل الممتلكات الثقافية. وقد وضّح ممثل ليبيا في الاجتماع في مداخلة حول هذا الموضوع أن ليبيا عانت قديماً من القناصل الذين نقلوا الكثير من الآثار خارج ليبيا بطريقة غير مشروعة.

كما قدم د. نيل برودي من جامعة غلاسكو ورقة علمية عن مشروع الاتجار بالثقافة أو بيع القطع الثقافية على الانترنت، وضّح فيها ظاهرة البيع عن طريق الانترنت لاسيما على موقع  ebay، وهذا فتح مجال لبيع القطع المزوّرة والمسروقة، كما استعرض المحاضر بيع ممتلكات ثقافية للفترة « ما قبل الكولومبية » عبر ذلك الموقع متخذاً منها مثالا على بيع الآثار على الانترنت. وأشار ممثل ليبيا إلى أن بعض الاثار الليبية تُشاهد وهي تباع على الانترنت بدون وجود اي قانون يحظر ذلك أو يمنع هذه الظاهرة، وأن الأمر يتطلب قانوناً يمنع ذلك، وأن هناك جهود تبذل في هذا الشأن.

كما استعرضت امانة اللجنة أدوات التوعية التي قامت بها الأمم المتحدة واليونسكو من إصدار لتسجيلات فيديو في إطار إقليمي أو وطني وعرضت بعض تلك التسجيلات، والواقع ان هذا العمل مهم جدا في اطار التوعية لكنه يحتاج الى دعم مالي كبير لإنجازه، إلا أن اللجنة و اليونسكو يشتكيان من قلة الموارد المالية لتنفيذ مثل هذه الأعمال التوعوية.

وقد اختتمت اللجنة اجتماعات دورتها التاسعة عشر يوم الخميس 2 اكتوبر الساعة الخامسة والنصف تقريبا بعد ان استعرضت التوصيات، التي شملت اغلب بنود جدول الأعمال، واعتمدها الحاضرون بعد مناقشتها وتعديلها؛

وهذه التوصيات يمكن تلخيصها في الاتي:

1) تشجيع جميع الدول الأعضاء في اليونسكو على أن تعرض أمام اللجنة حالات إعادة ممتلكاتها الثقافية وردّها، وأن تتبع تلك الدول بعناية مختلف الخطوات الإجرائية للتبليغ واتخاذ الاجراءات لإعادة الممتلك، كما أنه على الأمانة التحضير لعرض الحالات أمام اللجنة ومتابعة الإجراءات بالتعاون مع رئيسها.

2) تشجيع الدول على المساهمة في صندوق اللجنة بعد عمل الدعاية المناسبة لأهميته وجدواه حتى تقوم اللجنة بعملها المناط بها.

3) على الأمانة مساعدة الدول في التحضير لإجراءات الوساطة أو التوفيق وفي متابعتها عندما تثار قضايا، إذا وفقت الأطراف المعنية على ذلك. وعلى الدول تقديم أسماء خبراؤها وبيان مؤهلاتهم.

4) توفير الأموال اللازمة لإنشاء قاعدة بيانات تختص برد وإعادة الممتلكات الثقافية إلى بلادها الاصلية.

5) تعزيز الأدوات التي أنشأتها اللجنة سابقا مثل المدونة الدولية لأخلاقيات المفاوضات بشأن الممتلكات الثقافية، وشهادة تصدير الممتلكات الثقافية، والأحكام القانونية لملكية الدول للقطع الثقافية التي وضعتها اليونسكو بالتعاون مع يونيدروا.

6) التركيز على تشجيع مبادرات توعية الجمهور بمسألة أهمية رد الممتلكات الثقافية، وتدريب الكوادر الفنية المتخصصة على سُبل وآليات رد الممتلكات الثقافية.

المصدر: مندوبية ليبيا لدى اليونسكو

Print This Post