الاقتصاد الإبداعي – قيادة جديدة للتنمية

2014/10/20

أفتتحت النسخة الثالثة للمنتدى العالمي لليونسكو حول الثقافة والصناعات الثقافية، في قاعة مزدحمة تحت السقوف المرسومة لبرج بالازو فيكيو في فلورنسا (إيطاليا)، يوم 2 اكتوبر في وجود العديد من الوزراء والخبراء في مجال الاقتصاد الإبداعي، وأكثر من 300 ممثلاً عن القطاع الخاص والعام من جميع أنحاء العالم.

وتم تنظيم هذا المنتدى من قبل اليونسكو، وحكومة إيطاليا، ومنطقة توسكان، وبلدية فلورنسا، وكان توقيته في نفس وقت افتتاح المفاوضات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول برنامج التنمية المستدامة العالمي الجديد المتوقع اعتماده في عام 2015.

وقالت المديرة العامة في افتتاح المنتدى، « أعربت الدول الأعضاء في اليونسكو عن تصميمها على دمج الثقافة كمحرّك وممكّن للتنمية المستدامة. وجدول أعمال لما بعد عام 2015 هو فرصة تاريخية لا ينبغي تفويتها ».

وشدّد السيد داريو فرانشيسكيني، الوزير الإيطالي للتراث الثقافي والأنشطة والسياحة، على القوة الاقتصادية للقطاع الثقافي، مذكرًا بأن « قيمة موضوع، كتاب، تراث، لا يمكن أن تقتصر على المال الذي يجنيه، ولكن على الرابط الذي يخلقه، والقيمة التي ينقلها، وهذا ما هو على المحك اليوم »،  »هذا يوم عظيم لفلورنسا، أحد مواقع التراث العالمي، وهو ليس مسمّى فقط، بل هو شعور يمر به كل شخص في هذه المدينة، وفي إيطاليا، البلد الأوروبي الوحيد الذي لديه مادة مكرسة للثقافة – المادة 9 « . وقال السيد داريو نارديلا، عمدة فلورنسا، « إن الأزمة الاقتصادية هي في المقام الأول أزمة ثقافية، وقبل الحديث عن عجز الموازنة، أود أن نتحدث عن العجز الثقافي، عن التعليم، والسلام ».

وقالت ممثلة منطقة توسكان، سارة نوسينتيني، « توسكان، مستودع ضخم من التراث الثقافي استثمرت في الثقافة كقوة للدمج والتنمية، ولكنه لا يزال استثماراً هشاً في حاجة للمساعدة والدعم ».

ودعا السيد ماريو جيرو، وكيل وزارة الدولة للشؤون الخارجية، إلى إنشاء مجموعة من البلدان الأكثر عناية بالثقافة، على غرار G8 أو G20، مشددًا على ضرورة فتح أعيننا على العنف ضد الرجال والنساء، الذي يستهدف أيضاً الثقافة في العراق وسوريا – « إن أهمية هذا المنتدى هو القول بأن الثقافة هي الحياة ».

وقد وقف العديد من الوزراء شاهداً على قدرة الثقافة، بما في ذلك أولغا كافالوقياني (اليونان) والسيدة إلغا بانقيسو (إندونيسيا)، فضلا عن ممثلين من الأردن وميانمار وأفغانستان ومالي وتوغو.

وقالت وزيرة السياحة والاقتصاد الإبداعي بإندونيسيا، « الاقتصاد الإبداعي هو المرحلة الرابعة للتنمية – بعد الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات »، ضاربة مثالاً بتطور حرفة الباتيك، التي خرجت عن الموضة منذ 10 عاماً، والتي تم دعمها وتطويرها كصناعة أزياء ديناميكية على المستوى الدولي اليوم.

وعقدت المديرة العامة خلال المنتدى أيضاً اجتماعات ثنائية مع نائب وزير الثقافة في ميانمار، ووزير السياحة والاقتصاد الإبداعي في إندونيسيا.

ومن المعلوم أن حجم التبادل التجاري في السلع والخدمات الثقافية يقدر بأكثر من 620 مليار دولار أمريكي، وتضاعف خلال العشر سنوات الماضية، مما يعكس قوة الثقافة في كل من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. والسلع والخدمات الثقافية ليست مجرد تجارة عادية تخلق فرص عمل، ودخل، وابتكار ونمو، ولكنها أيضاً تسهم في الاندماج والعدل الاجتماعي.

أُقيمت على هامش المنتدى مائدة مستديرة حول العديد من مشاريع صون التراث الثقافي الجديدة التي تقودها اليونسكو في أفغانستان، ومينمار، والأردن، ومالي، بدعم مالي من الحكومة الإيطالية. شارك في المناقشات وزراء ومسؤولون ساميون من هذه الدول إلى جانب خبراء من وزارة الخارجية الإيطالية وممن عملوا مع اليونسكو في تنفيذ هذه المشاريع. كما أقيم معرض صور فوتوغرافية عن 50 عاماً من التعاون بين اليونسكو وإيطاليا لحماية التراث الثقافي في افغانستان.

وقد تم في مساء اليوم الأول، إضاءة برج بالازو فيكيو، المدرج على قائمة التراث العالمي، بألوان الأمم المتحدة.

وأكدت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، في ختام المنتدى يوم 4 اكتوبر، على أن « حيوية الثقافة مرادفة للابتكار والتنوع. ثقافة تخلق فرص العمل، وتولد الإيرادات وتحفز الإبداع. وهي ناقل متعدد الأوجه للقيم والهوية. وعلاوة على ذلك، الثقافة هي الرافعة التي تعزز الاندماج الاجتماعي والحوار ».

وقد صدر عن المنتدى الذي استمر لمدة ثلاثة أيام، إعلان فلورنسا، وهو يعبر عن مرحلة جديدة من الدعوة الدولية لوضع الثقافة في صميم الاستراتيجيات والسياسات العامة للتنمية المستدامة. الإعلان يعكس نتائج مشاورات وطنية حول الثقافة والتنمية أجريت في خمسة بلدان، البوسنة والهرسك، وإكوادور، ومالي، والمغرب، وصربيا، بمشاركة اليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA ).

وقال وزير الثقافة المغربي محمد أمين صبيحي « لقد كشفت المشاورات الوطنية على مدى قدرة الثقافة على جذب وتعبئة الناس، إنها تحمل المفتاح لسياسات أكثر شمولاً، وبالتالي أكثر استدامة ». وأشارت السيدة أميناتا حيدرة سي، ممثلة وزير الثقافة في مالي، من جانبها إلى أهمية التراث الثقافي، على سبيل المثال المخطوطات وأضرحة تمبكتو، في تمكين الحوار والوحدة الوطنية. وأكد وزير الشؤون المدنية بالبوسنة والهرسك، سيردوج نوفيك، على فوائد الحفاظ على التراث والاستثمار في الفنون في تحقيق التنمية الحضرية المستدامة. وأخيراً، أشار وزير الثقافة بصربيا، إيفان تاسوفاك، إلى دينامية السينما والفنون ككل في المساهمة في التطوير والابتكار.

ويدعو إعلان فلورنسا بشكل خاص الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتعزيز:

  • القدرات البشرية والمؤسسية؛
  • البيئات القانونية والسياسية؛
  • نماذج شراكة جديدة واستراتيجيات الاستثمار المبتكرة؛
  • معايير ومؤشرات الأثر لرصد وتقييم مساهمة الثقافة في التنمية المستدامة.

المصدر: مندوبية ليبيا استناداً لما صدر عن اليونسكو

Print This Post