هل ينبغي التخوف من وقوع كارثة كونية؟

2013/03/24

مر في 15 فبراير 2013، نيزك قطره حوالي 50 مترا على بعد 28000 كيلومتر من الأرض. وعلى الرغم من أنه لم يصطدم بالأرض، فقد كان على وشك، حيث مر تحت مدار أقمارنا الصناعية الثابتة. إن نيزكا من هذا الحجم المماثل دمر أكثر من 2000 كيلومتر مربع من الغابات السيبيرية في سنة 1908.

حزام النيازك الموجود بين مارس والمشتري يحتوي الملايين من هذه الشظايا الصخرية، ويبلغ حجمها حوالي ربع سطح القمر وقطره أقل من 100 متر. أبوفيس أحد هذه النيازك، عرضه 300 متر وسيقترب نسبيا من الأرض عدة مرات في العقود المقبلة، خصوصا سنة 2029.

أوضح في عام 2009، الفلكي الإيطالي (جيوڤاني ڤالسيتشي)، في مقابلة أجرتها معه مجلة اليونسكو، بأنه يجري تعقب كل من النيازك والمذنبات من قبل علماء الفلك. ومع ذلك، لا يوجد أي قناة رسمية للحكومات للتحذير من اصطدام متوقع. ومن بين الأفكار المطروحة لمنع اصطدام نيزك، اقترح البعض القصف بصاروخ أو التصادم مع مركبة فضائية، أو حتى عن طريق التفتيت إذا كان من غير الممكن تغيير المسار. أي من هذه الحلول التكنولوجية ستكون مكلفة للغاية ويتطلب استثمارا طويل الأجل. نظراً لضعف الاحتمال أن يضرب نيزك ما الأرض هذا القرن.

وفيما يلي الأسئلة التي طرحتها مجلة اليونسكو في عددها يناير – مارس 2009 وإجابة الفلكي الايطالي (جيوڤاني ڤالسيتشي) عليها.

ما هي مخاطر اصطدام « أبوفيس » بالأرض في العام 2036؟

احتمال التصادم في 2036، هو بحوالي واحد الى 45 ألفاً، علماً بأنه، على الأقل من السابق لأوانه، أن نهتم بالمكان الدقيق الذي يمكن أن يحصل ذلك على الأرض. ولنفترض أن « أبو فيس » يتحطم فوق قارة، فإنه قد يتسبب في انفجار بقوة 500 ميغاطن، و فوق البحر، يحدث أمواج تسونامي هائلة.

إن « أبو فيس » يقترب نسبياً من الأرض عام 2013 وعام 2021، وسيكون بالإمكان مراقبته بواسطة التليسكوب. وهذا يجب أن يسمح لنا باستبعاد أية إمكانية لاصطدامه بالأرض.

كيف يعمل نظام مراقبة الاصطدامات أو التداعيات؟

اليكم كيف تتسلسل العمليات. فعندما يكتشف علماء الفلك، عبر تليسكوباتهم مذنّباً أو نيزكا، بما فيها أجسام قريبة من الأرض (NEO)، ينقلون نتائج مراقباتهم إلى « مركز الكواكب الصغيرة » (MPC)، التابع للاتحاد الفلكي العالمي الذي يقوم بدوره بتوثيق هذا النوع من المعطيات. ويحدد (مركز الكوكب الصغيرة MPC)، عندها، ما إذا كانت المراقبات تنطبق على أجسام معروفة، أو أنها اكتشافات جديدة. وهو ينشر يومياً، مسار المدارات المتوقعة الأجسام القريبة من الأرض، التي تم اكتشافها قريباً، بالإضافة إلى نتائج جميع المراقبات الجديدة ذات العلاقة بالأجسام القريبة من الأرض، المعروفة سابقاً.

ويقوم مركزان للحساب، هما مركز (NEODyS)، في جامعة « بيزا » في ايطاليا، ونظيره في جامعة « فالادوليد » في اسبانيا، ومختبر « جيت بروبالشن » في باسادينا بالولايات المتحدة الأمريكية، بدراسة المراقبات الجديدة للتدقيق في حسابات مدار كل جسم قريب من الأرض. والأجسام التي قد يكون مرورها بالقرب من الأرض مثيراً للقلق، تخضع للمعالجة بواسطة أجهزة روبوط متخصصة، تقوم بتقدير احتمالات تصادمها مع كوكبنا خلال القرن. وعند ذاك تطبع النتائج فوراً على الصفحات الخاصة بالمخاطر التابعة لهذه المراكز ويركز علماء الفلك في العالم كله، اهتمامهم وجهودهم على الأجسام المذكورة على هذه الصفحات المتعلقة بالمخاطر، وفور أن نتعرف بما فيه الكفاية، على مدار جسم ما، نستطيع عندها التمكن من استبعاد احتمال وجود مسار ارتطامي بالأرض، وعند ذاك يتم إلغاؤه من صفحات المخاطر.

وهذه الطريقة في المراقبة تعود إلى حوالي عشر سنين. ففي كل لحظة، نستطيع استبعاد حصول أي تصادم للأرض، خلال القرن التالي، مع جميع (الأجسام القريبة من الأرض NEO)، يمكن أن يكون كارثياً ومدمراً. وبالنسبة إلى الأجسام الأخرى، فنحن نعرف ما هي الأجسام التي سيتوجب علينا مواصلة مراقبتها، قبل أن نعلنها غير هجومية. وهناك، بالتأكيد احتمال آخر، هو أن نكتشف، في يوم من الأيام، بأن جسماً يمكن أن يحدث أضراراً كبيرة، ولديه احتمال كبير بالارتطام بالأرض. ففي حالة كهذه، نكون أمام عقود من الانذار المسبق، وما يكفي من الوقت لاتخاذ تدابير الوقاية اللازمة.

ولكن، بعد اكتشاف ومتابعة وفحص جميع الأجسام القريبة من الأرض، وإعلانها بأنها « غير هجومية » لمدة 100 سنة، هل تتوقف المراقبة على احتمالات التصادم؟

كلا. يجب من حيث المبدأ، مواصلة المراقبة إلى ما لا نهاية، تماماً كما بالنسبة إلى الكوارث الطبيعية الأخرى، مثل الثورات البركانية والتسونامي والهزات الأرضية… لأن التغيرات البطيئة والمنهجية في مدارات الأجسام القريبة من الأرض، والناجمة عن تجاذبيه الكواكب، تجعل من مدار الأجسام التي يجب أن تمر على مقربة من الأرض، خلال هذا القرن والقرن التالي، مساراً لا يهددنا في الألفيات القادمة، في حين أن أجساماً أخرى تأخذ مكانها ضمن فئة الأجسام « التي يجب مراقبتها ».

وفترة صلاحية المراقبة التي تمتد حالياً لمدة قرن، نحاول تمديدها لتصبح عدة قرون. وهناك صعوبات فنية، غير أن النتائج الأولية مشجعة، ونحن نعتقد أن هذا يمكن إنجازه. والجانب الحسن الذي لا يمكن إنكاره هو أننا سنتمكن من اكتشاف اقتراب كل جسم يشكل خطراً على الأرض. أو حتى، التعرف المسبق لحصول ارتطامات مباشرة، في وقت مبكر أكثر مما نستطيع اليوم.

هل يمكن تحويل نيزك عن مداره؟

نظرياً، نعم. لكن هذا لم يحدث بعد. وهذا لا يمنع أحداً من التفكير بتقنيات إبداعية للغاية. والفكرة، مثلاً، هي: وضع وعاء فضائي أمام أو وراء النيزك، بغية استخدام قوة جاذبيته الصغيرة من أجل تسريع أو تبطئة النيزك قليلاً، وتحويله هكذا عن مساره الأصلي. أو أيضاً القيام برش النيزك بشكل يحدث تغيراً في كمية الاشعاع الشمسي التي يعكسها أو يمتصها، لأن ذلك من شأنه أن يحدث تغييراً في كمية الاشعاع الشمسي التي يعكسها أو يمتصها، وبالتالي أن يحدث تغييراً بطيئاً، ولكنه متواصل، في ميزانه الطاقوي وبالتالي في مساره.

والمبادرة التي تجري دراستها حتى الآن، باهتمام كبير جداً، هي مبادرة « مهمة دون كيشوت، من وكالة الفضاء الأوروبية ». وهي اليوم، ليست سوى مجرد دراسة، لأنها لم تحصل على التمويل بعد. وهذه المهمة (أو البعثة) مكونة من عنصرين هما: « سانشو »، وهي مركبة فضائية تدور في مدار معيّن، و « هيدالغو »، وهي مركبة قادحة (أو ثاقبة). ويتم ذلك، عبر وضع « سانشو » في مدار حول نيزك مستهدف، طول قطره حوالي 500 متر، من أجل قياس الشكل والحجم وحقل الجاذبية للنيزك على مدى عدة أشهر، قبل وبعد أن تكون « هيدالغو » قد ثقبت النيزك من أجل اكتشاف أي تغيير لاحق في مساره.

وإذا تم العثور على نيزك، في وقت متأخر جداً، ويريد العلماء حرفه عن مساره، فيمكن قصفه بواسطة صاروخ، أو عبر وعاء فضائي، أو حتى « تدميره نووياً ». والنيازك الصغيرة تتلاشى عند دخولها فضاء الأرض. وفي هذه الحالة، فإن نيزكاً يبلغ قطره 30 متراً، يولد على الأرجح طاقة توازي طاقة قنبلة نووية صغيرة.

وكلما كان النيزك كبيراً، كلما زادت صعوبة انحرافه عن مداره أو تدميره. ومن جهة أخرى، فإن النيازك التي يقل طول قطرها عن الكيلومتر الواحد، من الصعب أكثر اكتشافها من على الأرض، وهي أيضاً أكثر عدداً بكثير من النيازك الضخمة.

وأية بعثة للتحويل (الانحراف) يجب أن تغادر الأرض قبل عدة سنوات من التنفيذ، لكي تلتقي بالنيزك في المكان المطلوب. وفي حالة « أبو فيس »، فإن البعثة يجب أن تنطلق قبل العام 2029 بعشر سنوات.

من يدفع من أجل تحويل نيزك أو تدميره؟

سؤال جيد…. أخشى أن أحداً لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال بعد.

ماذا تعرف عن بروتوكول قرار تحويل مسارات الأجسام القريبة من الأرض؟

اتحاد مكتشفي الفضاء (ASE)، ومقر في تكساس، وضع تقريراً حول ضرورة إعداد برنامج دولي لاتخاذ القرارات للتصرف على المستوى العالمي، إزاء تهديد الأجسام القريبة من الأرض (NEO).

ويؤيد الاتحاد، التوجه القائل بأنه سيتوجب على منظمة الأمم المتحدة، في غضون فترة تتراوح بين 10 و 15 سنة، أن تقرر إذا وكيف، يجب التصرف لتفادي خطر ارتطام نيزك أو مذنّب بالأرض. وقد سلّم الاتحاد، في الأول من شهر ديسمبر 2008، مندوبي البعثات الدائمة لدى الأمم المتحدة في فيينا (النمسا)، التقرير بعنوان: « مخاطر تهديدات النيازك: نداء لتجاوب كوني ». كما أن ملفات أخرى مرتبطة بهذا التقرير، قد تم توزيعها على ممثلي عدد الوكالات الفضائية.

ماذا يطلب هذا التقرير؟

إنه يقترح وضع برنامج على ثلاث جبهات، تشرف الأمم المتحدة على تنسيقه، والمهمة الأولى تشمل إقامة شبكة لجمع المعلومات وتحليلها، بالإضافة إلى الانذار. وهذه الشبكة عليها أن تحدد أيضاً معايير توجيه إنذارات بشأن احتمالات الارتطامات.

وفي مرتبة ثانية، يقوم فريق مكلف بالتخطيط للبعثات وللعمليات، بتحديد التكنولوجيات المطلوبة، وبتقييم قدرات العمل الخاصة بالوكالات الفضائية المهتمّة بشؤون الأجسام القريبة من الأرض (NEO). وهذا الفريق، يعد المخططات للبعثات، بغية التحضير لحملة التحويل عن المسار، في حال وجود إنذار معين.

وأخيراً، يتم تشكل فريق حكومي، مكلف من قبل الأمم المتحدة، بإصدار الأوامر وبالإشراف على التنفيذ، وهذا الفريق هو الذي يحدد سقوف ومعايير مخاطر الارتطام، بغية القيام بحملة لتحويل جسم قريب من الأرض، عن مساره. وبالإضافة إلى ذلك، يتوجب على هذا الفريق، تقديم توصياته بشأن العملية المنوي تنفيذها، إلى مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة.

المصدر: اليونسكو

Print This Post