منتدى المستقبل في اليونسكو يبحث « المستقبل العالمي للمياه عام 2050″

2012/04/20

عقد في مقر اليونسكو بتاريخ 12/4/2012 منتدى المستقبل لليونسكو حول موضوع « المستقبل العالمي للمياه عام 2050″، ويأتي هذا الانعقاد قبل مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة (ريو+20) المزمع عقده في الفترة 20-22/6/2012 في البرازيل.

وقد استهدف المنتدى ذو الطابع ألاستشرافي، استعراض التقدم العالمي في مجال الإدارة المستدامة للمياه، وتقديم سيناريوهات محتملة حسب الخيارات التي يتبناها المسئولون الحكوميون والشركاء في السنوات القادمة.

وأتاح المنتدى للخبراء فرصة مقارنة وجهات نظرهم مع ممثلي الدول الأعضاء في اليونسكو والأمانة وصانعي القرار والمثقفين وممثلي المجتمع العلمي والمجتمع المدني ووسائل الإعلام بهدف لفت الانتباه إلى القضايا العالمية المتصلة بالمياه والدعوة إلى اتباع نهج شامل لإدارة وتوزيع المياه من وجهة منظور التحضير لمؤتمر ريو+20.

وكان تقرير الأمم المتحدة العالمي حول تقييم الموارد المائية « إدارة المياه في ظل ظروف عدم اليقين والمخاطر » الذي قدم في المنتدى العالمي للمياه في مرسيليا في 12/3/2012، قد اعتبر أن مليار شخص ليس لديهم مصادر مياه صالحة للشرب، وأن بحلول عام 2025، 60%  من السكان سيعيشون في مناطق تعاني من شحة المياه. وستكون مسألة ضمان الحصول على المياه للجميع وإدارة هذه الموارد على نحو مستدام، أحد البنود المدرجة على جدول أعمال مؤتمر ريو+20.

وقد افتتح الاجتماع مساعد المديرة العامة لليونسكو للتخطيط الاستراتيجي (هانز دورفيل) وأكد على أهمية المياه في حياتنا ماضيا وحاضراً ومستقبلاً. واعتبر أنها المرة الأولى منذ 10 سنوات التي تجتمع فيها مجموعة من الخبراء مع مجتمع اليونسكو الواسع للنظر في موضوع المياه الحيوي لاسيما وأن اجتماع ريو+20 قد اقترب موعده، حيث سيبحث موضوع المياه ضمن قائمة أكبر من المواضيع. وتساءل عن الطريق الذي يجب سلوكه للوصول إلى أهداف الألفية للتنمية في مجال المياه العذبة والصحية.

واعتبر مساعد المديرة العامة أن البعض قد يعتبر أن تحقيق هذه الأهداف قد تم من خلال توفير المياه الصالحة للشرب إلى ملياري شخص لم تكن متوفرة لديهم سابقاً، ولكن الصورة قد تختلف إذا نظرنا إلى مناطق مختلفة وقد تبدو مقلقة.

وقدم (أولكي أونفر)، منسق برنامج الأمم المتحدة العالمي لتقييم المياه عرضاً حول محتوى التقرير الرابع للأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية في العالم وحول الرسائل التي يوجهها هذا التقرير، الذي اعتبره أهم تقرير بخصوص المياه يصدر عن الأمم المتحدة وعن البرنامج العالمي لتقييم المياه (أنشء عام 2000) الذي تقوده وتستضيفه اليونسكو.

وبين أن هذا العمل تم من خلال تنسيق جهود ونتائج عمل 28 وكالة تابعة للأمم المتحدة وما يزيد عن 20 شريكاً من الشركات المهنية والمنظمات غير الحكومية وغيرها من اللذين يعملون في مجال المياه. وبين المحاضر أن أول تقرير عالمي للأمم المتحدة بشأن المياه صدر عام 2003 وصدر كل 3 سنوات بعد ذلك تقرير جديد حول الموضوع. وقد صدر التقرير الرابع في شهر مارس 2012 في إطار المنتدى العالمي السادس للمياه في مرسيليا/ فرنسا، وهو يعطي تقييماً لوضع المياه حالياً من حيث الكمية والتوزيع والاستخدام والإدارة. وأعطى المتحدث فكرة عن التقرير الرابع للأمم المتحدة الذي يتكون من ثلاثة أجزاء:

الجزء الأول: إدارة المياه في ظل عدم التقيين والمخاطر

الجزء الثاني: قاعدة المعرفة

الجزء الثالث: مواجهة التحديات

وأشار المتحدث إلى الرسائل الأساسية التي يوجهها التقرير الرابع والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:

-         محورية المياه في التنمية

-         زيادة التنسيق حول المياه لتحقيق أهداف متعددة

-         الحاجة إلى مؤسسات مرنة وإدارة قادرة على التكيف مع المتغيرات

-         التداخل العالمي من خلال موضوع المياه

-         اجراءات مركزة وقيادة فعالة من قبل الحكومات الوطنية.

وأنهى الخبير حديثه بالقول بأن في مجال المياه لا يمكن بعد الآن الاعتماد على تجارب وبيانات الماضي لغرض التنبوء بالمستقبل، فالتغييرات كبيرة بشكل انقطع فيه التغير التدريجي القابل للتوقع.

ثم تحدث (وليام كوسغروف)، كبير مستشاري التقرير الرابع عن تنمية الموارد المائية في العالم، ومدير مشروع السيناريوهات العالمية للمياه. وبين المتحدث أنه قبل 12 سنة أعد أول مجموعة سيناريوهات عالمية للمياه عن أفق 2025، وأن السيناريو الذي يبقى على السلوك القديم في مجال المياه أنبأ بكارثة، فكان السؤال حينذاك (عام 1989) « ما هي التكنولوجيا وعلوم الاقتصاد التي بالإمكان الاستفادة منها لتفادي هذه الكارثة؟ » فكان الجواب:

أن النتيجة المرجوة لا يمكن تحقيقها بحلول عام 2025. وذكر الخبير أن حتى السيناريو الثالث حينذاك الذي اعتبر أن العالم سيغير من أسلوب حياته ويتصرف بشكل مسئول تجاه المياه والبيئة، خلص كذلك إلى الجواب أن النتيجة المرجوة لن تتحقق بحلول عام 2025، وذلك لأن السلوكيات والعادات تحتاج إلى وقت لكي تتغير والتكنولوجيا المتاحة حينها لم يكن بوسعها تحقيق التغيير.

وبين الخبير أنه كان لديه رؤية بأنه من الممكن، مع تطور التكنولوجيا في المستقبل ومع تغيير السلوكيات، الوصول في عام 2025 إلى عالم يحصل كل فرد فيه على ما يكفيه من مياه الشرب ومن الغذاء وبشكل يحترم البيئة ويراعيها.

وبين الخبير أن التقرير الرابع يظهر أن الماء ضروري وحيوي لكل ما يرتبط بالإنسان، بحياته وعمله وبيئته، وهذه الأمور مرتبطة بعضها البعض. كما بين أن التقرير يظهر أن العالم لم يحقق تقدماً في المجالات الحيوية وأنه لا يسير باتجاه هذه الرؤية التفاؤلية التي أشار إليها، وأن هناك اليوم عدد أكبر من الجياع مما كان في عام 1998. ولهذا تم العمل على هذه المجموعة الجديدة من السيناريوهات لمساعدة صناع القرار ولكي يفكر الناس بالمدى البعيد حيث أن العالم مليء بعدم اليقين والمخاطر ولا أحد يعرف ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب كما أن هناك تقدماً كبيراً في مجال التكنولوجيا لم يكن بالإمكان تخيله عام 1998 ولاسيما في مجال التكنولوجيا الاتصال والمعلومات وهذا كله أخذ في الاعتبار في السيناريوهات التي أعدت، وهي خمسة:

السيناريو الأول: عالم تقليدي

السيناريو الثاني: عالم نزاع

السيناريو الثالث: عالم تقني

السيناريو الرابع: وعي عالمي

السيناريو الخامس: عالم تقليدي يتهاوى

وبين أهمية استخدام عشر عناصر محركة أساسية لدراسة السيناريوهات المختلفة وهي:

-         عدد السكان

-         الاقتصاد

-         التكنولوجيا

-         المصادر المائية

-         البنى التحتية للمياه

-         التغير العالمي في المناخ

-         البيئة (بما في ذلك الزراعة)

-         العوامل الاجتماعية والثقافية والأخلاقية

-         العوامل المؤسسية/ الحوكمة

-         العوامل السياسية

واعتبر أن الإنسان وبسبب الزيادة الهائلة في عدد السكان على الأرض في هذه الحقبة الزمنية لم يعد يعيش في بيئة وكوكب ذي طبيعة معينة مفروضة عليه يتأقلم هو معها، بل أصبح يؤثر في هذه الطبيعة وهذه البيئة وهذا الكوكب ويغير فيهم، وهذا الأمر أخذ في عين الاعتبار أيضاً.

وأنهى الخبير تقديمه بأنه في ظل ما قيل عن التطور التكنولوجي الهائل (إذا استخدم بشكل صحيح وكامل) ما زالت لديه رؤية بأن عالم 2050 الذي سيعيش فيه أكثر من تسعة مليارات نسمة سيكون بإمكانه توفير المياه الصالحة للشرب والغذاء الكافي والعمل لكل فرد.

ثم قدم السيد عابدين صالح، المدير المؤقت في قسم علوم المياه والأمين المؤقت في البرنامج الهيدرولوجي الدولي (IHP)، بحثا استعرض فيه التحديات المتعلقة بالمياه التي يواجهها العالم والآليات المتاحة في إطار عمل اليونسكو للاستجابة لها ولاسيما البرنامج الدولي (IHP) الذي اعتبره البرنامج الدولي الحكومي الوحيد في إطار الأمم المتحدة المعني بالمياه. وبين المتحدث أن البرنامج مدعوم من قبل برنامج تقييم المياه ومن شبكة من المراكز من الفئة 2 يتجاوز عددها 26 مركزاً وأطراف أخرى. وأشار السيد عابدين في تقديمه إلى المراحل العديدة التي مر بها البرنامج الهيدرولوجي الدولي (IHP) وهي:

المرحلة التمهيدية: 1965-1974 العقد الهيدرولوجي الدولي

المرحلة الأولى (IHP-I): 1975-1980 حول محور « الأبحاث »

المرحلة الثانية (IHP-II): 1981-1983 حول محور « الهيدرولوجيا والأسس العلمية للإدارة الرشيدة للمياه »

المرحلة الثالثة (IHP-III): 1984-1989 حول ذات المحور السابق

المرحلة الرابعة (IHP-IV): 1990-1995 حول محور « الهيدرولوجيا والاستخدام المستدام للموارد المائية في بيئة متغيرة »

المرحلة الخامسة (IHP-V): 1996-2001 حول محور « الهيدرولوجيا والاستخدام للموارد المائية في بيئة حساسة »

المرحلة السادسة (IHP-VI): 2002-2007 حول محور « تفاعلات المياه: أنظمة في خطر وتحديات اجتماعية »

المرحلة السابعة (IHP-VII): 2008-2013 حول محور « الاعتماد على المياه: نظم معرضة للإجهاد وردود المجتمع »

ثم قدم اندارس جولوسي – ناجي عميد معهد التعليم في مجال المياه التابع لليونسكو والمعهد الدولي لهندسة البنى الأساسية والهندسة الهيدرولوجية والبيئية عرضاً عن التغييرات والتحديات العالمية محاولاً الإجابة على سؤال « في مجال المياه: إلى أين نحن ذاهبون؟ »

واعتبر الخبير أن الوضع في مجال الماء سيء منذ الآن وتساءل عما سيحدث بعد أربعين عاماً. واعتبر أن الماء أخطر وأهم مسألة في القرن الحادي والعشرين، وسلط الضوء على مسألة استخدام الانسان للمياه بشكل مفرط وتغييره لنظامها دون أن يعرف بشكل دقيق كيفية عمل هذا النظام.

واعتبر ناجي أن محركات التغيير العالمية الأساسية المؤثرة فالمياه هي:

·            النمو الكبير في السكان

·            التغيرات الجيو-سياسية

·            التجارة

·            التغيرات التكنولوجية

·            تغيير المناخ

واعتبر أن المشاكل الثلاث الكبرى في هذا المجال هي:

-         السكان (Population)

-         التلوث (Pollution)

-         الفقر (Poverty)

كما سلط الخبير الضوء على المتغيرات الكثيرة التي تؤثر سلباً على المياه والتي طفرت جميعها في السنوات الأخيرة بصورة غير خطية ذكر منها الزيادة الكبيرة في نسبة ثاني أوكسيد الكاربون (CO2)، الارتفاع في درجات الحرارة، ارتفاع نسبة النتروجين، زيادة جرف الغابات الاستوائية.

وخلص الخبير في شؤون المياه إلى أن زمن « المياه السهلة » قد ولى وتنبأ بأزمات مرتبطة بالمياه. ولكنه اعتبر أيضاً أن المياه بإمكانها أن تصبح مصدر تعاون بدل أن تكون مصدر خلاف وأزمات، واعتبر أن التعليم هو أهم وسيلة لجعل مسألة المياه وأهميتها عالقة في العقول.

ثم قدمت باتريسيا ووتيرز، مديرة مركز اليونسكو- HELP (النجدة) للقانون والسياسة والعلوم المائية في جامعة دندي (المملكة المتحدة)، عرضاً عن دور القانون الدولي وفهمه واستخدامه الجيدين في التخفيف من حدة الأزمات الناجمة عن المياه وتحويلها إلى مصدر للتعاون والتشارك.

المصدر: مندوبية ليبيا لدى اليونسكو

Print This Post