مكافحة العنصرية والتمييز العنصري: بين التاريخ والذاكرة والتحديات الراهنة

2015/03/21

نظمت اليونسكو يوم 19 مارس 2015، بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، سلسلة اجتماعات وورش عمل في مقرها بباريس. وسيشارك في هذا الحدث خبراء دوليون وصناع قرار وممثلون عن السلطات المحلية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية وغيرها من الجهات المعنية، إذ ستقدم مجموعة من المواد الإعلامية المتعددة الوسائط بهدف عرض مختلف المبادرات المتخذة لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري. ومن المنتظر أن تكون هذه المبادلات فرصة جماعية لوضع خطة شاملة في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وإيجاد حلول عملية لها.

وفي إطار برنامج اليونسكو لإدارة التحولات الاجتماعية ستقوم اجتماعات المائدة المستديرة هذه بإجراء دراسات معمقة حول العنصرية والتمييز العنصري في مجتمعاتنا الحالية، والغرض منها هو دراسة السياقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعددة للممارسات العنصرية والتمييزية في العالم اليوم.

ويعد اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، الذي يحتفل به سنويا في 21 مارس، فرصة لإعادة تأكيد الالتزامات العالمية بشأن مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب والتعصب. ويشهد العالم حاليا، في ظل التحولات السريعة الطارئة على   المجتمعات، ظهور أشكال جديدة من التمييز العنصري ضد الأفراد والشعوب أفضت إلى الاستغلال والاستبعاد والكراهية.

وبهذه المناسبة أصدرت المديرة العامة لليونسكو، السيدة إيرينا بوكوفا، البيان التالي:

لعل معرفة التاريخ واستحضار ذكرى الجرائم الماضية يتيحان لنا بناء مستقبل يعمّه السلام، بوصفه ترياقاً للكراهية والأحكام المسبقة. من هذا المنطلق، يكرّس اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري هذا العام لصون ذكرى تجارة الرقيق. فما انفكت اليونسكو تسعى منذ سنوات عديدة إلى نشر تعليم تاريخ الرق وتجارة الرقيق اللذين اعتُرف في عام 2001 بأنهما جريمتان ضد الإنسانية. ولا بد من هدم الصور النمطية والأحكام المسبقة التي بررت استغلال البشر لأمثالهم من بني البشر، والتي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، مرتكزة على أساس الجهل والكراهية، ومتخذة شتى أشكال التمييز العنصري وكراهية الأجانب ونبذ الآخر.

ولدينا قناعة بأننا إذا نفذنا برامج تربوية وثقافية، مثل برنامج طريق الرقيق، و »تاريخ أفريقيا العام »، وإذا حفظنا التراث الوثائقي لذاكرة العالم، فسوف نستنتج ما يلي: لئن كانت الجريمة قد عبأت عدداً من الأمم، فلا بد أن تكون ذكراها اليوم قادرة، في حركة عكسية، على إحداث تقارب بين الأمم، وتسليط الضوء على الروابط التي نشأت بين الشعوب في مسار لا رجعة فيه. هذه الرسالة أساسية في يومنا هذا لمساعدتنا على العيش معاً في مجتمعاتنا المتعددة الثقافات، وهي تحديداً الرسالة التي حملها العقد الدولي للمتحدرين من أصل أفريقي.

أما واجبنا فهو في المقام الأول أن نذكّر بأنّ في مآسي الماضي تتجلّى أيضاً الشجاعة والإصرار لدى الشعوب التي أعلت كرامة الإنسان من خلال مكافحة الاضطهاد وصولاً إلى إلغاء الرق. ونحن مدينون لها إلى ما لا نهاية، وينبغي أن تكون هذه الإرادة منارة يُهتدى بها في الحرب ضد أشكال الاستعباد والاضطهاد والتمييز العصرية. ويظهر من مبادرات التحالف الدولي للمدن لمناهضة العنصرية أن إحراز تقدم هام في مكافحة العنصرية والتمييز ممكن من خلال اعتماد سياسات محلية أكثر فعالية لمكافحة التمييز.

وفيما تدشن الأمم المتحدة النصب التذكاري الدائم تخليداً لذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق، يبقى تناقل التاريخ البوصلة التي ترشدنا على طريق المستقبل وتساعدنا على بناء السلام في عقول الرجال والنساء. فما من محرّك أقوى من هذا التناقل للمضي قُدماً في صون الكرامة والحرية. وهذا هو مفاد كلمات توسان لوفرتور، أبرز طرف فاعل في الثورة التي انتصر فيها الرقيق في هايتي في عام 1791: « ولدت عبداً، لكن الطبيعة نفحت فيّ روح رجل حرّ. »

روابط ذات صلة:

مناهضة العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب

المصدر: اليونسكو (بتصرف

Print This Post