سفينة العودة

2013/10/8

سيشكل المبنى القديم المصنوع من الرخام الأبيض والقريب من نهر « إيست ريفر » في مانهاتن مكانا ذا قيمة روحانية يتيح التذكّر من دون خجل.  وقال رودني ليون، واضع تصميم  « سفينة العودة » (Ark of Return) « في حين نواجه الشرق، يمكننا أن نلتفت بأفكارنا إلى المكان الذي أتينا منه »، وذلك في إثر إعلانه اليوم فائزا بجائزة دولية لتصميم نصب تذكاري سيُعرض بشكل دائم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك تكريما لضحايا الاسترقاق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.

 

وعمل السيد ليون، المصمّم الذي يعيش في مانهاتن والمهندس المعماري للنصب الوطني للمقبرة الأفريقية في الجانب الأدنى من مانهاتن، قد اختير من بين 310 اقتراحات تصاميم قُدّمَت من 83 بلدا في إطار  مسابقة أطلقتها اليونسكو منذ سنتين، بدعم من البرنامج بعنوان « تذكروا الاسترقاق » التابع لإدارة شؤون الإعلام في مقر الأمم المتحدة، ومن الدول الأعضاء في مجتمع البحر الكاريبي والاتحاد الأفريقي. وشاركت في عملية الكشف عن النصب التي جرت اليوم رئيسة وزراء جامايكا بورتيا سيمبسون ميلر، وغيرها من رؤساء الحكومات، ووزراء الخارجية، فضلا عن المخرج لي دانييل.

ويشير ليون المتحدر من سلالة هاييتية إلى إنّ هذا النصب قد صُمّم بوصفه « مساحة روحانية رمزية  يمكن للمرء التفاعل في إطارها والمرور فيها للتعبير عن التقدير، والتأمّل، والتفكير، والشفاء، والتعليم، والتحوّل ».  

وقال الأمين العام  للأمم المتحدة  بان كي مون:  » إنّ هذا النصب سيشكل تقديرا لنضال ملايين الأفريقيين الذين أُخرجوا من أرضهم عنوة على مدى أربعة قرون، واستُغلوا بلا رحمة، وسُلبوا كرامتهم ». وأضاف قائلا: « وسيشكل هذا النصب تذكيرا بشجاعة الرقيق ومؤيدي القضاء على الاسترقاق والأبطال المغمورين الذين تمكّنوا من مكافحة نظام جائر والنضال من أجل الحرية والقضاء على هذه الممارسة ». 

وقال ليون إنّه   » يتعين على الأشخاص الذين ينحدرون من سلالة أفريقية أن يتعلّموا عن تاريخهم من دون خجل، بل بفخر »، مضيفا أنّ « الأمر نفسه ينطبق على الأشخاص الذين لاينحدرون من سلالة أفريقية، إذ إن هذه التجربة تجربة إنسانية مشتركة ».

وقالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، « إنّ تجارة الرقيق ليست مجرد قضية من الماضي – فهي قضية قد حدّدت شكل العالم الذي نعيش فيه ومعالم مجتمعاتنا المعاصرة، وأنشات روابط راسخة بين الشعوب، وحوّلت الاقتصاديات والثقافات والأعراف في جميع أنحاء العالم تحوّلا لا رجوع فيه. فتجارة الرقيق لا تعني الأشخاص المتحدرين من سلالة أفريقية فحسب بل تعني البشرية بأسرها. »

  وتابعت بوكوفا قائلة « لقد عدت للتو من هايتي، حيث لذكرى الاسترقاق وتجارة الرقيق معنى خاص، كما هي الحال بالنسبة لعدد كبير من سكان منطقة البحر الكاريبي. فهايتي تذكّرنا بأنّ تاريخ الاسترقاق لا يتمثّل في العذاب وانعدام العدالة فحسب – إذ يشكل نضالا مكلّلا بالنصر للتخلص من الاضطهاد وإدراك الحرية، ورحلة بحث عن حقوق الإنسان يقودها الإيمان بالكرامة الإنسانية وبالمساواة بين جميع النساء والرجال. وهذه هي المبادئ التأسيسية للأمم المتحدة، وعلينا أن ننتهز جميع الفرص المتاحة لتجديد التزامنا بها ». 

وقال السفير جون و. آش، رئيس الدورة الـ 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة « اجتمعنا هنا اليوم لنتذكّر معا أنّ العصر المأساوي لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي قد شكّل فترة مؤلمة شعرت بأثرها المرير عبر التاريخ الشعوب الأفريقية بشكل أساسي. وتشهد هذه الفترة الأكثر شناعة في تاريخ البشرية على الجشع، والجهل، والتحيّز العنصري الذي ميّز تلك الحقبة، والذي للأسف لا يزال متوفرا في عدد كبير من المناطق، ولو في أشكال متنوعة. » وإذ أشار إلى أنّ عام 2013 يصادف العيد الـ206 للقضاء على تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، أضاف أنّه « علينا ألا ننسى أنّ الكرامة البشرية، والشجاعة، والإبداع قد أفضى إلى كسر قيود العبودية والتعصّب الأعمى ».  

ورافق ليون كلّ من زوجته غاليا أوستن ليون وابنتهما ألكساندريا البالغة من العمر 12 سنة، وسنيّة البالغة من العمر 9 سنوات.

وقال أوستن ليون  » لا نريد أن ننسى ما مررنا به فضلا عما أنجزناه ».  

ولخّصت ليون « سفينة العودة » (Ark of Return)  قائلة: « إنّه جميل للغاية ». 

 

المصدر: اليونسكو

Print This Post