تطوير القدرات لصياغة وتخطيط السياسات التعليمية في ليبيا

2013/05/12

بناء على طلب من وزارة التربية والتعليم بليبيا وعلى قرار المديرة العامة لليونسكو، زارت بعثة من اليونسكو مدينة طرابلس في الفترة: 10-13 مارس 2012. وقد تضمنت أهداف هذه البعثة ما يلي:

-  تفعيل برامج التعاون مع اليونسكو في مجال التعليم تماشياً مع الأولويات الوطنية الجديدة .

- النظر في مجالات تعاون جديدة خاصة في مضمار التربية والتعليم.

شهدت البعثة حماساً قوياً من جانب القادة التربويين الليبيين لإصلاح النظام التربوي، وكانت وزارة التربية والتعليم حينها في طور تنظيم اجتماعات لإجراء استشارات وطنية في شهري مارس وأبريل 2012 في أنحاء مختلفة من البلاد. وقد توجت هذه الاستشارات بعقد مؤتمر وطني للتعليم في طرابلس في الفترة: 15-17 سبتمبر 2012 للتشاور حول الرؤية التربوية الجديدة. وكانت الوزارة تعتزم في مرحلة لاحقة ترجمة هذه الرؤية إلى سياسات واقعية وخطة مفصلة لتطوير القطاع التعليمي.

في أثناء البعثة، حددت وزارة التربية والتعليم من بين أبرز أولوياتها، ومن بين حاجات طارئة أخرى، تطوير القدرات في مجال السياسة والتخطيط التربويين، وقد طلبت مساعدة المعهد الدولي للتخطيط التربوي في اليونسكو في مجال توفير التدريب والمساعدة التقنية للمسؤولين التربويين الذين سيتولون صياغة وتطبيق خطة وزارة التربية والتعليم المتعلقة بالإصلاح والتطوير التربويين. وكخطوة أولى استجابة لهذا الطلب، جرى التوافق على إرسال بعثة أخرى من المعهد الدولي واليونسكو في يونيو 2012 للبحث مع الوزارة في خطة لتطوير القدرات والبدء بتدريب فريق المسؤولين التربويين حول كيفية إعداد خطة استراتيجية للقطاع التربوي. وعملت البعثة في ذات المجال مع الخبراء الليبيين وذلك في الفترة: 23-27 يونيو 2012. كما نظمت ورشة تدريب توعية على مدى 4 أيام حول عملية التخطيط الاستراتيجي لقطاع التربية أثناء وجود البعثة شملت 20 مشاركا من الإدارات التربوية الإقليمية والمركزية التابعة لوزارة التربية والتعليم. وفي نهاية الورشة، اتفق على أن يستمر هذا التدريب والعمل على صياغة خطة للقطاع التربوي ما بعد انتخابات المؤتمر الوطني العام في ليبيا في شهر يوليو 2012.

البعثة الحالية

في أوائل شهر مارس 2013، عبر وزير التربية والتعليم عن رغبته بتعزيز التعاون مع اليونسكو في عدد من المجالات وبالأخص في صياغة سياسة تربوية وفي تصميم وتطبيق خطط استراتيجية لقطاع التعليم. رداً على هذا الطلب اقترحت اليونسكو إرسال بعثة مصغرة من مدير المعهد الدولي لتخطيط التربية في منتصف شهر أبريل للبحث بشكل مفصل مع الوزير في كيفية استجابة اليونسكو لهذا الطلب. وقد عقد مدير المعهد اجتماعين مع معالي وزير التربية والتعليم في اليومين 29، 30 أبريل 2013 حضرهما بعثة اليونسكو بليبيا ومندوب ليبيا لدى اليونسكو إلى جانب عدد من خبراء التعليم بالوزارة.

مقومات ومنطلقات البعثة

التعلم من خلال الممارسة: تشدد مقاربة المعهد الدولي لبناء القدرات على أن أفضل طريقة للتعلم تكمن في الممارسة. فيكون الناس تواقين للتعلم عندما يحتاجون إلى تأدية عملهم بشكل جيد وعندما يتوقع منهم تقديم نتائج جيدة. لذا فإن أفضل وقت (وطريقة) لتعلم كيفية إعداد السياسات والخطط القطاعية هو عندما تكون البلاد على وشك إطلاق عملية إعداد خطة إستراتيجية للتعليم الوطني.

الارادة السياسية والقيادة: يتمتع المعهد الدولي بخبرة في مساعدة الدول لإعادة بناء أنظمتها التربوية إثر نزاع أو كارثة وفي صياغة السياسات التعليمية ورسم وتطبيق الخطط القطاعية. لقد أظهرت التجربة أن عملية بناء القدرات تستغرق وقتاً طويلاً ولكنها تستحق الصبر والاستثمار المستلزمين إن كان لا بد من نجاح البلد في عملية إصلاحه التربوي التي ستصب في مصلحة التنمية الوطنية. أحد مقومات النجاح في عملية صياغة خطة قطاعية إستراتيجية إنما هو الارادة السياسية والقيادة. ويفترض أن تكون وزارة التربية والتعليم قد اتخذت قرارها بشأن حاجتها إلى خطة قطاعية لتوجيه الإصلاح والتطوير التربويين. ومن المثالي أن يكون الوزير معنياً مباشرة في إعداد وتخطيط السياسات والإشراف على إعداد الخطة ورصد تقدمها بشكل منتظم.

الموارد: ثمة مقوم آخر للنجاح وهو توافر الموارد المالية الضرورية وفريق عمل ملتزم والترتيبات الملائمة وآليات التخطيط في وزارة التربية والتعليم والدراية التقنية والخبرة.

مشاركة الجهات المعنية: بقدر ما يتضمن ذلك من صعوبات، تبقى عملية صياغة الخطط أسهل من عملية تطبيقها. فهنالك العديد من الخطط التربوية الوطنية التي وضعت على الرف أو طبقّت بشكل رديء. ويكمن أحد مكونات نجاح عملية التطبيق في مشاركة الجهات المعنية أو أصحاب المصلحة في إعداد الخطط. فعملية إعداد الخطط مهمة بقدر وثيقة الخطة نفسها (المنتج) إن لم تكن أكثر أهمية. إنها عملية تشاور وتوافق حول رؤية مشتركة للتربية وأهدافها وسياساتها وغاياتها الرئيسية وأهداف الخطة وكيفية تنفيذها والموارد وكذلك الوقت المستلزم. لقد بدأت ليبيا هذه العملية عبر إجراء اجتماعات استشارية وعقد المؤتمر الوطني للتعليم السنة الماضية. وعليها الآن أن تبني على هذه الخطة الأولى المهمة وعلى الزخم والحماس اللذين ولدتهما.

الخطة الأولى من قبل الوزارة

لقد اتخذت وزارة التربية والتعليم خطوة نحو إطلاق عملية تخطيط جيدة. فمن خلال ورشة التدريب/ النوعية التي نظّمت في يونيو 2012، حاولت: (1) إنشاء فريق يضم عدداً من الأقسام من ديوان الوزارة في طرابلس ومن الادارات التربوية المحلية  و (2) توحيد الادراك المفاهيمي للتخطيط وتطوير المهارات وقدرات التنفيذ. إنها اللحظة المؤاتية للمضي قدماً في هذه العملية نظراً لوجود الارادة السياسية وبفضل الرؤية والحماس اللذين يتمتع بهما التنفيذيون بالوزارة وعلى رأسهم معالي الوزير. ويبدو أن الموارد المالية متوافرة، والدارية التقنية قابلة للتطوير بدعم من المعهد الدولي لتخطيط التربية واليونسكو وشركاء تنمويين آخرين. وإنه لمن المهم أن ينضم كل الشركاء التنمويين والجهات المانحة إلى عملية إعداد الخطة كما أنه لمن المهم تنسيق نشاطاتهم وبرامجهم دعماً لتطبيقها بقيادة وزارة التربية والتعليم.

الخطوات التالية

تتكون عملية أو مرحلة التخطيط التربوي بشكل عام مما يلي: (1) إجراء تحليل/ تشخيص أو استعراض قطاعي؛ (2) صياغة رؤية وسياسة؛ (3) اختيار الأهداف الرئيسية للخطة والمجالات ذات الأولوية؛ (4) تصميم برامج ذات الأولوية؛ (5) إعداد إطار التكاليف والتمويل و (6) تصميم نظام الرصد والاستعراض الدوري. بناءً على ما تقدّم، يتم إعداد وثيقة خطة، وقد تخضع وثيقة الخطة هذه لمناقشات وموافقة الوزير/ الوزارة والجهات المعنية. في بعض الدول، تحتاج الخطة أيضاً إلى مصادقة مجلس الوزراء أو البرلمان عليها، خاصة إن كانت المرة الأولى التي تعد فيها خطة إستراتيجية للقطاع التعليمي في البلاد. وقد أعد المعهد الدولي بناءً على خبرته، ورقة عمل بعنوان « التخطيط الاستراتيجي: الترتيبات التنظيمية ».

أما أهداف بعثة مدير المعهد الدولي إلى ليبيا في أبريل الماضي فقد كانت على النحو التالي:

أ‌)  إجراء مناقشات مع وزير التربية والتعليم وزملائه حول كيفية إرساء الترتيبات التنظيمية لإعداد الخطة إذا ما كانت الوزارة ترغب في إعداد خطة إستراتيجية قطاعية؛

ب‌) الموافقة بشكل عام على حاجات بناء القدرات في الوزارة والخطوات المستلزمة لإعداد خطة مفصلة لبناء القدرات ولحسن سير عمل الوزارة؛

ج‌) الموافقة بشكل عام على مجالات التعاون بين الوزارة واليونسكو والمعهد الدولي بصورة خاصة.

أن اجتماع مدير المعهد الدولي بممثلي الشركاء التنمويين الرئيسيين تحت قيادة معالي الوزير، له أهمية قصوى في إنجاح مهمة المعهد والوزارة. وكما ذكرنا أعلاه، وأنه لمن الأساسي أن يدعم كل الشركاء التنمويين والجهات المعنية الوطنية عملية إعداد وتطبيق خطة قطاعية.

المصدر: مندوبية ليبيا استناداً لما صدر عن المعهد الدولي للتخطيط التربوي في اليونسكو

Print This Post