تزويد الفقراء بأدوية منقذة للحياة

2014/06/21

ستستضيف اليونسكو حلقة دراسية عامة في مقرّها في باريس، بمشاركة البروفيسورين توماس بوج وآيدن هوليس، الأستاذين الجامعيين الذائعي الصيت على الصعيد الدولي، اللذين سيقومان بشرح اقتراحات بشأن ضمان انتفاع الفقراء انتفاعا أفضل بالأدوية المنقذة للحياة. وتندرج هذ المسألة في إطار عملية التفكير المتعمّق التي تقودها لجنة اليونسكو الدولية الحكومية لأخلاقيات البيولوجيا حاليا بشأن المادة 15 (مبدأ تشاطر المنافع) من الإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الإنسان.

ويتمثل هدف البروفيسورين بوج وهوليس في الحدّ من الوفيات المرتبطة بغياب الانتفاع بالأدوية المنقذة للحياة. وفي هذه المقابلة، سوف يشرحان الأسباب الكامنة وراء ذلك…

ما الذي يحول اليوم دون انتفاع الفقراء بالأدوية المنقذة للحياة؟

كل عام، يموت حوالى 10 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم بسبب عدم قدرتهم على الانتفاع بالأدوية المنقذة للحياة. والأسعار الباهظة التي يولّدها نظام حقوق الملكية الفكرية مسؤولة جزئيا عن ذلك، إذ تحول دون تمكّن المرضى – وبخاصة في البلدان النامية والأسواق الناشئة – من الانتفاع بالأدوية التي يحتاجون إليها. وغالبا ما يجري تشويه صورة شركات الأدوية بسبب قيامها ببيع منتجاتها بهوامش ربح مرتفعة تُسهلها براءات الاختراع، وذلك في إطار مدوّنات ومقالات كتلك التي تحمل عناوين مثل « الأرباح التي تقتل ». لكن علينا أن نقرّ بأنّ هذه الشركات تحتاج إلى أن تسترد تكاليف استثماراتها الكبرى: فقليلة هي الصناعات التي ترزح تحت وطأة تكاليف بحث وتطوير باهظة كهذه، تضاف إليها معدلات الخسارة المرتفعة، من أجل تطوير منتجات جديدة يمكن أن تقوم جهات منافسة بتعديلها وتكييفها أو إنتاجها بالجملة بسهولة وبأبخس الأثمان. كما علينا أن نقرّ بأنّ الأدوية التي طوّرتها شركات الأدوية قد أسهمت في إنقاذ ملايين الأشخاص. وبالتالي، فإننا نواجه، على ما يبدو، معضلة أخلاقية معقّدة لم تُحلّ بعد: فمع هوامش الربح المرتفعة المحمية ببراءات الاختراع، يموت المرضى بفعل غياب الانتفاع بالأدوية المنقذة للحياة؛ ومن دون هوامش الربح هذه، لا تتوفر حوافز ملائمة لإنتاج أدوية جديدة يمكن أن يستفيد منها الجميع في المستقبل.

ما الذي يمكن القيام به لضمان أن يتمكن الفقراء من تحمُّل تكاليف الأدوية المنقذة للحياة والاستفادة منها بسهولة أكبر؟

أولا، هنالك مشكلة أسعار الأدوية. فحتى في البلدان الأغنى في العالم، تفضي الأسعار المرتفعة لبعض الأدوية الجديدة إلى حرمان بعض الأشخاص من علاجات جديدة وفعالة؛ وفي البلدان ذات الدخل المنخفض، تبدو مشكلة التكاليف هذه أكثر حدّة. ففي هذه البلدان، يواجه الفقراء عراقيل إضافية تتمثل في أنظمة التوزيع السيئة التي تفضي إلى زيادة التكاليف، وفي الأنظمة الصحية التي تفتقر إلى الموارد وتعجز عن توفير تشخيصات دقيقة وآنية. ونحن بحاجة إلى حلّ – أو إلى مجموعة حلول – لمعالجة هذه المسائل كافة.

وصندوق التأثير الصحي هو آلية مُقترَحة تتيح تطوير طريقة تسديد تكاليف الأدوية (أو على الأقل بعض منها) تطويرا مجديا. وقد صُممَت هذه الآلية لتخطي محدودية النظام الحالي، وهي تضمن اتساق حوافز الابتكار والتسويق في المجال الصيدلاني مع احتياجات المرضى في جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى ذلك، يساعد الصندوق في تحسين أنظمة التوزيع والوصفات الطبية، إذ تمتلك شركات الأدوية حوافز أقوى تحثها على ضمان أن تصل الأدوية التي تصنعها إلى المرضى الذين من شأنهم أن يستفيدوا منها أكثر من غيرهم.

ومنظمة « حوافز من أجل الصحة العالمية »غير الربحية المعنية بتقديم حلول قائمة على السوق لمواجهة التحديات الصحية على الصعيد العالمي هي التي تتولى الترويج لصندوق التأثير الصحي. ويقترح الصندوق وسيلة جديدة لتسديد تكاليف الابتكارات في المجال الصيدلاني من خلال تحفيز إنتاج أدوية جديدة وتوزيعها عبر آليات الدفع مقابل الأداء. وتُتاح لشركات الأدوية كافة في جميع أنحاء العالم إمكانية تسجيل أدوية جديدة بواسطة الصندوق. ومن خلال عملية التسجيل هذه، توافق الشركة على توفير الدواء الذي صنعته بسعر التكلفة في الأماكن حيث تبرز الحاجة إليه، وفي مقابل تخلّيها عن الأرباح العادية التي يدرّها بيع الأدوية، تُكافَأ الشركة بناء على التقييم الذي يجريه الصندوق في ما يتعلق بالتأثير الصحي العالمي الفعلي للدواء. وتقوم الحكومات وغيرها من الجهات المانحة بتمويل الصندوق. وتُمنَح الشركات حوافز قوية لوضع منتجاتها المسجّلة في الصندوق في متناول المرضى الذين من شأنهم أن يستفيدوا منها أكثر من غيرهم. وتتعامل بالتالي تعاملا بنّاء مع سلاسل التوزيع والأنظمة الصحية لوضع منتجاتها بتصرّف المرضى، الفقراء والأغنياء على حدّ سواء.

المصدر: اليونسكو

Print This Post