اليوم الدولي للجاز لعام 2014

2014/04/30

بعد باريس واسطنبول، اختيرت أوساكا ( اليابان) كمدينة مستضيفة للتجربة الثالثة من اليوم الدوليّ لموسيقى الجاز في 30 أبريل 2014. إن الجاز شاهدٌ وعنصرٌ فعالٌ في التاريخ الحديث، أكثر من مجرد كونه نوعا موسيقيّا.

فالجاز بالنسبة للمديرة العامة لليونسكو،  » نمط حياة، ووسيلة حوار وتغير اجتماعيّ أيضًا. » أنشأت المبادرة بالاشتراك مع مؤسسة الجاز ثيوليونيوس مونك، اعتمد هذا اليوم في عام 2011 من قبل الدول الأعضاء في اليونسكو إثر اقتراح سفير النوايا الحسنة لليونسكو هربي هانكوك، بهدف تشييد جسور بين الثقافات والمجتمعات عبر الحوار والتفاهم المتبادل.

بالرغم من نشأة الجاز في المجتمع الإفريقي الأمريكي، فإنه اليوم، ملك للعالم أجمع. لقد شهدنا في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي النجاح العظيم الذي حققه الجاز في الولايات المتحدة، بفضل لويس أرمسترونغ، المولود في نيو أورلينز، مهد الجاز. انتشر الجاز خلال تلك الفترة في القارّات الأخرى. وتقول المديرة العامة في رسالتها المخصصة لليوم الدوليّ لموسيقى الجاز إن « الآثار الثقافية والتفاعلات الموسيقية تُنشِئ بين الثقافات روابط تتجاوز الحدود والمحيطات ».

إن أول مقهى جاز ياباني افتتح في أوساكا أيضًا عام 1933. في ظل انفتاحٍ تدريجيّ على الغرب، نفذ هذا اللون الموسيقيّ في كبرى المدن اليابانية، دون المساس بمكانة أوساكا، « موطن الجاز ». بينما كان بيلي هاليداي، وإيلا فيتزجيرالد وفرانك سينترا يستحوذون على الرصيد الأمريكي من الأغاني، كان النجوم اليابانيون يعيدون عزف الأغاني الأمريكية، مترافقة بتعديلات لتلائم لغتهم وثقافتهم. يحفز الارتجال ـ حجر أساس الجازـ اندماج أنواع الموسيقى، جاعلاً من الجاز لغة تجمع بين الأمم.

الموسيقى، حقًا، بوابة لما هو عالميّ: فعدد اللغات المحكية في العالم كبير جدًا، ولكن كل المؤلفات الموسيقية مكونة من ست نوطات موسيقية فقط. وبالإضافة إلى حضور قرابة الثلاثين فنانًا عالميًا للحفل ـ الذي يبث مباشرة على موقع اليونسكوـ، هناك ستة عشر نشاطا موسيقيا وتربويا تقام خلال يوم الـ30 من أبريل في مدرسة أوساكا للموسيقى، ومنها محاضرة تُعنَى بتاريخ الجاز المميز في أوساكا، وحوارٌ حول قيم الجاز أيضًا – خصيصًا في زمن الحرب.

يشاركنا جوان غويفن، منظم لفعالية في جمهورية الدومنيكان، رأيه قائلاً : « نحتفل بهذا اليوم لأن من مسؤوليتنا تقديم جمالية هذا النمط الموسيقي لمجتمعنا، بالإضافة إلى رسالته في الوحدة والسلام. الموسيقى أنجع وسيلة للتقرب من الآخرين. » تجسد الثقافة، حقًا، قيم وهوية الشعوب.

يقول هانيبال سعد، الذي ينظم نشاطا عنوانه « جاز من أجل سوريا » بالإضافة لثلاث حفلات في لبنان، والأردن وهولندا :  » الجاز لغة لا تعرف أي حد [...] أرجو أن يمدنا هذا الجمع الدوليّ من خلال هذا الشكل الفني الرائع بالمزيد من السعادة والسلام للناس في أرجاء العالم. نشعر بطاقة أكبر بالمشاركة الجماعية عند الدفاع عن قضية مهمة. » الثقافة تحمي، تصلح، وتجدد.

ينظم نيلسون غونزالس فعالية في مقهاه في الفلبين داعيًا بالسعي العالمي نحو الحرية، التي يمثلها الجاز أيضًا. بمشاركة عازف الساكسفون الساحر وايني شورتر، وستبث مباشرة على موقعنا.تستمد الموسيقى ثراءها من شموليتها: للأدب، وللمفاهيم الفلسفية، والفيزياء الكمية، والفيزياء الفلكية والعديد من المواضيع التي تُوحِيه نظرته للموسيقى والفنون.

تجتمع الدول الـ 195 الأعضاء في اليونسكو حول الاحتفال بهذا اليوم. تعمل مؤسسة الجاز ثيوليونيوس مونك للسنة الثالثة على التوالي مع اليونسكو ومكاتبها خارج المقر، ولجانها الوطنية، وشبكاتها، والمدارس المشاركة، والجامعات والمعاهد، والراديو وقنوات التلفزة العامة بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية، كل هذا، لضمان التزام هذه المؤسسات باليوم الدوليّ للجاز لعام 2014.

وبهذه المناسبة، أصدرت المديرة العامة لليونسكو البيان التالي:

يحتفل الموسيقيون وهواة الموسيقى في مختلف أنحاء العالم في الثلاثين من أبريل للمرة الثالثة باليوم الدولي لموسيقى الجاز. لقد تماهى الفنانون في شتى بقاع الأرض مع موسيقى الجاز وامتلكوها منذ أكثر من قرن. فقد تبنوا عفوية هذه الموسيقى وما تنطوي عليه من حرية التعبير. وسخرّوا قدرتها على المزج بين ضروب الموسيقى ووشائجها مع فنون الرسم والرقص والسينما والأدب والتصوير وغيرها. كما احتفوا بقدرتها على إبداع موسيقى تشاركية وتفاعلية تزيل الحدود بين الفنانين والجمهور.

نعم، إن موسيقى الجاز ليست مجرد موسيقى، فهي أسلوب حياة وأداة للحوار، لا بل إنها أداة للتغيير الاجتماعي. ويحكي لنا تاريخ الجاز عن قدرة هذه الموسيقى على الجمع بين فنانين ينحدرون من ثقافات وخلفيات مختلفة، لكونها أداة لتحقيق الاندماج والاحترام المتبادل. وعلى وقع موسيقى الجاز قامت الحركات المناضلة من أجل إقرار الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي غيرها من أرجاء العالم. ومن خلال موسيقى الجاز، تغنى ملايين الأشخاص وما زالوا يتغنون معبرّين عن توقعهم وتطلعهم إلى الحرية والتسامح والكرامة الانسانية.

وقد أنشأت اليونسكو اليوم الدولي لموسيقى الجاز حتى تنقل هذه القيم. وفي هذه السنة أيضاً، ستقيم السلطات والمعاهد الموسيقية وصالات العروض في جميع أرجاء العالم مئات الاحتفالات والحفلات الموسيقية المنظمة أو المرتجلة. وستستضيف مدينة أوساكا في اليابان الاحتفال الرئيسي لهذا العام، حيث تستمد موسيقى الجاز قوتها من تقليد تمتد جذوره إلى عشرينات القرن الماضي، وقد حافظت على طاقتها بالزخم نفسه إلى يومنا هذا. وتواكب أوساكا عن كثب حركة موسيقى الجاز الحديثة بأنديتها العديدة وبمسابقتها السنوية ذات الصيت العالمي. وأرادت اليونسكو من خلال اختيارها لهذه المدينة للاحتفال بموسيقى الجاز، أن تبرز أيضاً إلى أي مدى يمكن للمؤثرات الثقافية والتفاعل الموسيقي أن ينسجا علاقات بين الثقافات تتجاوز الحدود المحيطات.

وباسم اليونسكو، أود أن أحيي جميع شركائنا في اليابان كما في البلدان الأخرى الذين ينظمون احتفالات ويولون أهمية كبرى للاحتفاء بموسيقى الجاز وبالقيم التي تنقلها. وأدعوكم مع سفيرنا للنوايا الحسنة، هيربي هانكوك، ومعهد ثيلونيوس مانك للجاز اللذين يرافقاننا منذ البداية، إلى مشاركتنا بكثافة من أجل نشر رسالة الحيوية والمشاركة والسلام من خلال الثقافة وعبر الموسيقى.

المصدر: اليونسكو

Print This Post