الدول الأطراف في اتفاقية التراث العالمي تتحاور مع الهيئات الاستشارية والمديرة العامة لليونسكو

2012/10/8

عقد في مقر اليونسكو في 3/10/2012 اجتماع تشاوري، دعت إليه المديرة العامة لليونسكو، ضم بالإضافة إليها الدول الأطراف في اتفاقية التراث العالمي والهيئات الاستشارية الثلاث المعنية بالاتفاقية وهي المجلس الدولي للمعالم والمواقع ICOMOS، والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية ICCROM، والاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة IUCN.

وهدفَ الاجتماع إلى اطلاع الدول الأطراف في الاتفاقية على نتائج الاجتماع الذي عقد في اليوم السابق (أي في 2/10/2012) بين المديرة العامة لليونسكو والهيئات الاستشارية المعنية باتفاقية التراث العالمي، بشأن مستقبل الاتفاقية بعد أربعين عاماً من اعتمادها في 1972، والتشاور مع الدول الأطراف في هذا الشأن.

 

وألقت المديرة العامة كلمة في بداية الاجتماع أكدت فيها على أهمية تعزيز مصداقية الاتفاقية واعتبرت أن هذه المهمة لا يمكن الاضطلاع بها إلاّ من خلال عمل مشترك بين إدارة المنظمة والدول الأطراف والهيئات الاستشارية. وأكدت على أهمية التشاور بشأن مستقبل الاتفاقية في الوقت الذي تحتفل فيه بعيدها الأربعين ، وفي الوقت الذي يتعرض فيه التراث الثقافي للتدمير في مالي وسوريا وليبيا. تناولت المديرة العامة الأنشطة التي اضطلعت بها في مجال الدفاع عن التراث الثقافي على الساحة الدولية في المرحلة الماضية.

وذكّرت المديرة العامة بأن الهيئات الاستشارية الثلاث كتبت إليها العام الماضي للتعبير عن قلقها بشأن مستقبل الاتفاقية، وبينت أنها شاطرتها قلقها حيث حصلت تطورات خطيرة في المرحلة الماضية أضعفت المبادئ الأساسية التي تستند إليها الاتفاقية. واعتبرت أن ضرراً كبيراً سيلحق بالاتفاقية إذا لم تعالج الإجراءات والممارسات المرتبطة بمصداقيتها. وذكّرت أن في الدورة الماضية للجنة التراث العالمي في سان بيترسبورغ رحبت العديد من الدول بفكرة الحوار المفتوح مع الأمانة والهيئات الاستشارية لأجل تحسين تطبيق الاتفاقية، وعبرت عن قناعتها بضرورة إيجاد عقد جديد بين هذه الأطراف الثلاثة للمرحلة القادمة مبني على الشفافية والتعاون الوثيق بهدف تعزيز تنفيذ الاتفاقية.

وبينت المديرة العامة أن الاجتماع الذي عقد في اليوم السابق بينها وبين الهيئات الاستشارية الثلاث أكد على عدة أمور أهمها:

·   أن الجانب الأهم في الاتفاقية هو المحافظة على المواقع وليس التسجيل.

·  أن مصداقية القوائم التمهيدية شرط أساسي لمصداقية قائمة التراث العالمي نفسها مما يثير مسألة ضرورة التفكير بإعطاء قيمة جديدة للقوائم التمهيدية وتحسين صورتها، وكذلك بالنسبة لقائمة التراث المهدد بالخطر حيث يجب أن يكون التركيز على حماية المواقع وليس وصم الدول.

·  الحاجة إلى تعزيز كبير لإمكانيات تسجيل وحماية المواقع العابرة للدول ومواقع أفريقيا والدول الجزرية النامية والدول الأقل تطوراً، والحاجة إلى تعزيز القدرات المؤسسية للدول وليس القدرات الشخصية لبعض الخبراء.

·إمكانية مراجعة المدد الزمنية للإجراءات قبل عملية التسمية، ولعملية المتابعة فيما بعد.

· صياغة التقارير الدورية بطريقة متميزة مع التأكيد على الحماية.

·  أن الدول الأطراف ولجنة التراث العالمي لا يعملون معاً بالشكل الكافي مما يدفع إلى التفكير بإيجاد ثقافة عمل جماعية جديدة.

ودعت المديرة العامة الدول الأطراف إلى:

-  إيجاد آليات مبتكرة لتمويل حماية المواقع وتحضير ملفات التسجيل وتعزيز قدرات الدول.

-  مزيد من الاستنفار للمجتمعات المدنية والشركاء الخاصين في الحفاظ المستدام على المواقع.

 

وقدمت الهيئات الاستشارية الثلاث عروضاً سريعة لمسودات التقارير التي نوقشت مع المديرة العامة في اليوم السابق.

فأوضح ممثل ICOMOS أن الوثيقة التي قدمتها ICOMOS غير نهائية وأعرب عن أسفه لعدم توزيعها على الدول الأطراف قبل الاجتماع وبين أنها منشورة على موقع الانترنت. كما وضح أن مجال عمل واهتمام ICOMOS أوسع من الاتفاقية بحد ذاتها، فالاتفاقية تتعامل مع ما يقارب ألف موقع مسجل على قائمة التراث العالمي وعشرة آلاف موقع على القوائم التمهيدية بينما تتعامل منظمة ICOMOS مع كافة المواقع الثقافية في العالم. واعترف المتحدث بوجود علاقة متوترة بعض الشيء بين الهيئات الاستشارية الثلاث والدول الأطراف (ولجنة التراث العالمي) وأعرب عن أمله في التوصل إلى صيغة وأساليب عمل تعبر بشكل أفضل عن رؤية الدول الأطراف لتنفيذ الاتفاقية، ولذلك فإنه يرحب بالحوار مع الدول الأطراف الذي تم تنظيمه.

وبين المتحدث أن أهم الأفكار التي طرحتها ICOMOS في مجال التفكير بمستقبل الاتفاقية تتناول:

· إجراءات تصحيحية اقترحها فريق الرقابة الخارجي وهي مقترحات بشأن كيفية تحسين تنفيذ الاتفاقية.

·  تحسينات اجرائية مثل:

-  إمكانية اجراء تغيير على عملية التسمية (الترشيح) لتصبح العملية على مرحلتين، حيث أن ICOMOS تفهم التأثير السلبي على الدول الأطراف والمجتمعات المحلية لعدم تسجيل موقع ما على القائمة، وستعطي تجزئة هذه العملية فرصاً أكبر مع توضيح للملابسات.

-  تقارير حالة الحفظ بحاجة لمزيد من التعاون والتواصل والشفافية في العمل مع الدول الأطراف.

-  الحاجة لجعل قائمة التراث الثقافي المعرض للخطر أداة للتعاون الدولي بإبعاد الخطر عن هذه المواقع، وإزالة القلق من عملية الوصم التي ترافق هذه القائمة. وقدمت ICOMOSمقترحاً بأن يرافق إدراج أي موقع على قائمة التراث المهدد بالخطر، خطة عمل تتضمن تعاون الدول الأطراف المستعدة للمساعدة والهيئات الاستشارية ومركز التراث العالمي. وعبر ممثل ICOMOS عن اعتقاده بأن هذه الإجراءات ستعالج إلى حد ما انزعاج الدول الأطراف من إدراج مواقعها على هذه القائمة.

·  اعتبر أن من الضروري إيجاد عملية إضافية في الاتفاقية لتشخيص نقاط القوة والضعف لدى الدول الأطراف ومحاولة تطوير برامج أو عمليات تطبيقية ضمن الاتفاقية لمساعدة الدول الأطراف في بناء قدراتها المؤسسية وحاجاتها المهنية.

وخلص ممثل ICOMOS إلى التعبير عن تفاؤله بمستقبل الاتفاقية رغم المصاعب والإشكاليات التي تمر بها.

 

وتناول ممثل IUCN الحديث لتقديم التقرير غير الرسمي الذي نوقش مع المديرة العامة يوم 2/10/2012 وبين فيه نقاطا مهمة نذكر منها ما يلي :

-  حتى تبقى اتفاقية التراث العالمي أداة ذات قيمة يجب أن تطبق الإصلاحات التي اقترحت في التقييم الخارجي التي أجرته عام 2011، وأن تطبق لجنتها المبادئ التوجيهية التشغيلية لها، وأن تقوم الهيئات الاستشارية بالعمل بشفافية وبالتعاون مع الدول الأطراف.

-  شخصت IUCN أربعة تحديات أساسية تواجهها الاتفاقية وهي:

1) تحدي المصداقية: من خلال الالتزام بمعايير التراث العالمي؛

2) تحدي التطبيق: إعطاء الأولوية للخطوات الإستراتيجية لأجل اتفاقية تراث عالمي أكثر فاعلية؛

3) تحدي النتائج: حوار أفضل لأجل الحصول على نتائج أفضل في الحفظ؛

4) تحدي الميزانية: تأمين موارد ملائمة لاتفاقية التراث العالمي.

وخلصت IUCN إلى تقديم توصيات لمعالجة كل من التحديات الأربعة المذكورة.

 

ثم قدم ممثل ICCROM عرضاً للتقرير غير الرسمي الذي تمت مناقشته مع المديرة العامة يوم 2/10/2012. واعتبر أنه بالرغم من التحديات الكبيرة فإن اتفاقية التراث العالمي تبقى ناجحة. وأكد على عدة أمور أهمها:

·  أن الاتفاقية لا تتمثل في تسجيل المواقع على قائمة التراث العالمي فحسب بل في حماية التراث الثقافي.

·  تمكنت الاتفاقية من تحقيق أحد أهدافها الإستراتيجية وهو زيادة عدد الدول الأطراف في الاتفاقية بشكل ملحوظ، والى حد ما أيضاً هدف زيادة المشاركة المتنوعة للدول الأطراف في لجنة التراث العالمي. بينما لم تحقق هدف التوازن والتمثيل الجغرافي العادل في قائمة التراث العالمي.

· زيادة شهرة الاتفاقية جعلت طلبات الادراج في قائمة التراث العالمي كبيرة وعدد المواقع على هذه القائمة كبير، ما يثير مصاعب عملية وإدارية وتمويلية.

·  يحصل تشكيك بصورة متزايدة بشأن مصداقية الاتفاقية، ومدى الالتزام بالمعايير الموضوعة للإدراج على قائمة التراث العالمي ولاسيما معيار القيمة العالمية الاستثنائية.

·  تثار مسألة إن كانت مواقع التراث العالمي تجتذب الأموال بشكل كبير وغير متوازن على حساب مواقع التراث الثقافي الأخرى الكثيرة.

· هناك مشكلة الذاكرة المؤسسية على المدى البعيد.

وركزت ICCROM في تقريرها على ثلاثة مجالات إستراتيجية هامة تحتاج للمعالجة وهي:

1-   القوائم التمهيدية (lists tentative) والترشيحات

2-   حالة حفظ مواقع التراث العالمي

3-   بناء القدرات

وقدمت ICCROM توصيات بهدف معالجة التحديات الأساسية التي تندرج في هذه المجالات الثلاثة منها:

-  يجب بدء التعاون بين الدول الأطراف والهيئات الاستشارية في مرحلة مبكرة من العملية، كمرحلة القائمة التمهيدية.

-  ضرورة اعطاء القائمة التمهيدية قيمة جديدة من خلال إعادة تسميتها، حيث لا توجد كلمة ( tentative) (تمهيدية، أولية) في الاتفاقية ومعناها ليس واضحاً.

- اعطاء أهمية لاتفاقيات أخرى في اليونسكو تخفف من الحمل الملقى على اتفاقية التراث العالمي.

- ضرورة إجراء حوار بين الدول الأطراف والهيئات الاستشارية في مرحلة التسمية (الترشيحات).

- جعل عملية التسمية (الترشيح) بثلاث مراحل لإعطاء الوقت والفرصة الكافيين للحوار بين الدول الأطراف والهيئات الاستشارية.

- جعل قائمة التراث المهدد بالخطر أداة للتعاون وليس للوصم، من خلال إعادة تقديم وعرض القائمة وتوفير مزيد من الموارد.

 

وفي الحوار الذي دار بين الدول الأطراف والهيئات الاستشارية الثلاث وأمانة اليونسكو، عبرت الدول الأطراف عن ملاحظات وأفكار عديدة، منها:

·  التأكيد على ضرورة معالجة الخلل الكبير في التوزيع الجغرافي في المواقع المسجلة على قائمة التراث العالمي.

·  المطالبة بمزيد من الشفافية في مرحلة التقييم والترشيح.

· طرح البعض إعادة تحديد مساهمة الدول على أساس عدد المواقع المسجلة على القائمة.

·  تحديد دقيق لدور ومهام المعنيين: الهيئات الاستشارية، اللجنة، الدول الأطراف…إلخ

· اعتبر البعض أن المواقع الموجودة على القوائم التمهيدية منسية، وتساءل عن القيمة التي يمكن أن تعطى لهذه المواقع.

·  أكد البعض على ضرورة تنفيذ قرارات الجمعية العامة للدول الأطراف.

 ·  اعتبر البعض أن توصيات الهيئات الاستشارية لا تنفذ.

·  أكد العديد من الوفود على ضرورة تشجيع الحوار بين الدول الأطراف والهيئات الاستشارية.

· تم التأكيد على ضرورة الشفافية في عمل الهيئات الاستشارية توضيح العلاقة بين التنمية واتفاقية التراث العالمي.

· أثار البعض مسألة تسييس عملية تسجيل المواقع على قائمة التراث العالمي.

·  شككت بعض الدول بحيادية الهيئات الاستشارية.

·  ضرورة تحقيق توازن في التوزيع الجغرافي والتمثيل في إطار اللجنة والأمانة والقائمة.

· اقترح البعض تشكيل فريق عمل لمواصلة دراسة التقارير وتقديم الملاحظات بشأنها.

· طالب البعض بضرورة تقييم المقيمين (يقصد الهيئات الاستشارية).

·  ضرورة تحسين عملية الترشيح والتأكيد على أن هدف الاتفاقية ليس كمية المواقع.

وفي ختام الجلسة أجاب ممثلو الهيئات الاستشارية على تساؤلات الدول الأطراف وأكدوا حيادية الهيئات وأن سياستها الأساسية هي المحافظة على مواقع التراث الثقافي في العالم والالتزام بالمعايير التي تنص عليها الاتفاقية. وعبرت المديرة العامة في الختام عن شكرها للدول الأطراف والهيئات الاستشارية الذين برهنوا عن انفتاح في الحوار، واعتبرت أن الانتقادات التي عبرت عنها الدول الأطراف مفيدة في معالجة النواقص والتغلب على أجواء عدم الثقة بين الدول الأطراف والهيئات الاستشارية التي كانت الدافع لها لتنظيم هذا  الاجتماع. ووعدت بأنها ستقدم ملخص عن نتائج هذا الحوار في اختتام الاحتفاليات بالذكرى الأربعين لاتفاقية التراث العالمي التي ستقام في كيوتو باليابان.

 

المصدر: مندوبية ليبيا لدى اليونسكو

Print This Post