التنمية المستدامة عبر التجارب الميدانية

2012/07/8

يتميز مفهوم التنمية المستدامة بكونه واسع النطاق وغير محدد المعالم، بحيث يكون من الصعب تصور تنفيذه على أرض الواقع. وخلال العقود الأربعة الماضية، لم يتم اختبار سوى برنامج وحيد اختباراً واقعياً.

يرمي « برنامج الإنسان والمحيط الحيوي » إلى التوفيق بين أنشطة حفظ التنوع البيولوجي وبين الاحتياجات الاجتماعية الاقتصادية والتكامل الثقافي، وهذا ما يعنيه مفهوم التنمية المستدامة.

ويمثل المحيط الحيوي إطاراً كاملاً يشمل كل ما يخص الكائنات الحية على الأرض: أي الطبقة السفلى من الغلاف الجوي والطبقة العليا من الكوكب الصلب، بما فيها البحار والتربة والمياه. وبدون المحيط الحيوي، فليس من المتصور وجود حياة بشرية وحيوانية ونباتية على ظهر الأرض.

وبمرور الزمن، انصب التركيز تدريجياً في الأنشطة الخاصة ببرنامج الإنسان والمحيط الحيوي على الشبكة العالمية لمعازل المحيط الحيوي التي تتمثل في مواقع امتياز يتم فيها اختبار أفضل الممارسات الجديدة لإدارة الأنشطة الطبيعية والبشرية واثبات صلاحيتها. وليست معازل المحيط الحيوي منتزهات طبيعية؛ فهي تشمل مجتمعات ومناطق حضرية. كما أنها تعزز نماذج للتنمية المستدامة تستند إلى مبادئ علمية سليمة، وإلى تنمية اقتصادية تراعي البيئة والقيم الثقافية لمجموعات السكان المحلية. وكثيراً ما تتسم نظم إدارتها بمستوى عالٍ من الابتكار والتشارك؛ كما يتمثل ما ينجم عن ذلك من مبادرات في تطبيقات متنوعة لمفهوم التنمية المستدامة. وقد تحولت النظرة إلى معازل المحيط الحيوي التي أصبحت، بمرور الزمن، تُستخدم لمراقبة تغير المناخ وتخفيف آثاره.

وتتألف الشبكة العالمية لمعازل المحيط الحيوي من 580 موقعاً في 114 بلداً، إضافة إلى مواقع جديدة يتم النظر في إدراجها الأسبوع المقبل من قِبل المجلس الدولي لتنسيق برنامج الإنسان والمحيط الحيوي. وترمي هذه الشبكة إلى تشارك المعارف وبناء القدرات وتعزيز أفضل الممارسات والتعاون الدولي. وحيث أن المجلس الدولي لتنسيق برنامج الإنسان والمحيط الحيوي يقوم بتحضير دورته الرابعة والعشرين، فإننا سنقدم عدداً من الأمثلة لمبادرات التنمية المستدامة الناجحة التي يتم اختبارها وتنفيذها حالياً في معازل المحيط الحيوي.

وحقيقة الأمر أن المواقع الأولى استهدفت بصورة أساسية تنفيذ مشاريع للحفظ والبحوث. ففي البداية، لم يتوافر لها خطط محددة لإتاحة تطبيق مفهوم التنمية المستدامة. وبمرور الزمن، تم إنشاء آلية لرأب الفجوة بين المفهوم والواقع؛ وتمثلت هذه الآلية في القيام باستعراض دوري لكل معزل من معازل المحيط الحيوي كل عشر سنوات من أجل دراسة وتحسين مدى التزام معازل المحيط الحيوي بمعايير الجمع بين أنشطة الحفظ والبحوث والتنمية المستدامة، وذلك حسب الاقتضاء. وتشكل هذه العملية الوسيلة التي يتم بمقتضاها قياس عوامل التطور والتغير. كما أنها تتيح القيام بمشاورات واسعة النطاق مع الأطراف الفاعلة واستعراض أداء معازل المحيط الحيوي.

وسيقوم المجلس الدولي لتنسيق برنامج الإنسان والمحيط الحيوي، بفحص اثنين وثلاثين تقريراً دوريا قدمها 21 بلداً، وذلك أثناء دورته الرابعة والعشرين المنعقدة في باريس اعتباراً من يوم غد الاثنين الموافق 9 إلى 13 يوليو 2012. كما سيستعرض المجلس مقترحات تخص معازل جديدة للمحيط الحيوي، ويقرر إدراج مواقع جديدة في الشبكة العالمية.

وثمة بند آخر في جدول الأعمال يتمثل في تحديد السبل للمضي قُدماً بالنسبة للمواقع التي لم تتمكن، أو لم يعد في مقدروها، الوفاء بالمعايير الخاصة بمعازل المحيط الحيوي بحلول عام 2013، كما حددتها خطة عمل مدريد، ألا وهي: استيفاء الاستراتيجيات الخاصة بتحديد المناطق والإدارة والتنفيذ التي تجمع بين مبادرات الحفظ والبحوث والتنمية المستدامة. ويتسم عدد كبير من هذه المواقع بقيمة مجتمعية عالية المستوى وبأهمية دولية في ما يخص مجال البحوث المعنية بالقضايا المتعلقة بعوامل التفاعل بين البشر والبيئة. ومن بين الخيارات المطروحة للنقاش إمكانية إنشاء فئة جديدة للمواقع، أي مواقع لأنشطة الدعم/ الدراسة تخص برنامج الإنسان والمحيط الحيوي.

المصدر: اليونسكو

Print This Post