رسالة اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة

2012/11/18

وجهت السيدة (إيرينا بوكوفا)، المديرة العامة لليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة (15/11/2012) الرسالة التالية:

قال سقراط إن الفلسفة هي حالة من الوعي « كل ما أعرفه هو أنني لا أعرف شيئاً ». وفي ظل التعقيد الذي يتسم به عالم اليوم، فإن التفكير الفلسفي هو في المقام الأول دعوة إلى التواضع والتريث وإلى الحوار المنطقي العقلاني، للعمل معاً على إيجاد الحلول للتصدي للتحديات العصيبة التي لم نعد قادرين على التحكم فيها. وهي أفضل وسيلة لتكوين المواطنين المستنيرين القادرين على مقاومة الغباء والتحيز. وكلما ازدادت الصعوبات حدة ازدادت فائدة الفلسفة في فهم قضايا السلام والتنمية المستدامين.

ولا توجد تقاليد فلسفية تحتكر وحدها الردود على هذه الأسئلة: فتنوع النظم الفلسفية يشكل ثروة حقيقية ينبغي تسخيرها لبناء مواطنة عالمية جامعة ومتسامحة. وبمقدور الفلسفة أن تساعد على تعزيز التفاهم والتآزر ضد المد المتصاعد للجهل والتعصب.

ومن خلال الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة، تريد اليونسكو التأكيد مجدداً على أن الفلسفة قادرة على تغيير العالم لأن بإمكانها أن تساعدنا على تغيير أنفسنا – فهي تعطي ثقلاً أكبر لسخطنا وغضبنا أمام الظلم، وتكسبنا صفاء الذهن اللازم لطرح الأسئلة الصحيحة، وتزيدنا قناعة للدفاع عن الكرامة الإنسانية. إنها المفتاح لإنسانية جديدة.

وانطلاقاً من شعار هذا العام، وهو « الأجيال المقبلة »، تؤكد اليونسكو على الحاجة الملحة إلى زرع بذرة الفلسفة وما تحمله في طياتها من صرامة وأفراح، في عقول الشباب منذ الصغر. وتدعم اليونسكو تدريس الفلسفة في المدارس الابتدائية وتلتزم بالعمل على إضفاء طابع الديمقراطية على الفلسفة. ويمثل ذلك شرطاً من الشروط المفضية إلى تناول القضايا المطروحة للنقاش العام بذكاء أكبر وبذهن مرهف. ولذلك فإن الفلسفة مادة لا غنى عنها في تربية الأجيال الشابة، وقد أُدرجت في الالتزامات الواردة في إعلان اليونسكو الرائد بشأن مسؤوليات الأجيال الحاضرة تجاه الأجيال المقبلة الذي اعتُمد في عام 1997.

وتمثل الفلسفة نقطة التقاء أنشطة اليونسكو وتتويجاً لها في الوقت ذاته: إنها الكيفية التي نعطي بها معنى لمضامين الثقافة والعلوم، فهي تثرى بثراء التداول الحر للأفكار، وتزدهر بازدهار التعليم الجيد الموفر لأكبر عدد من المتعلمين.

وفي هذا اليوم العالمي للفلسفة، فإن اليونسكو تدعوكم إلى المشاركة على أوسع نطاق في مختلف اجتماعات المائدة المستديرة والنقاشات والحفلات الموسيقية التي نظمت للاحتفال بهذا اليوم في باريس وفي العالم. وستقوم مجموعة من تلاميذ المدارس بتسليم محفظة زمنية تحتوي على رسائل موجهة إلى أطفال من نفس الفئة العمرية، علماً بأنها لن تُفتح إلا في عام 2062. وأدعو جميع شركاء اليونسكو إلى تعبئة الجهود من أجل الفلسفة وإلى المشاركة في المناقشات وحلقات العمل المزمعة أو المرتجلة، وأدعوكم إلى إرسال رسائلكم وأسئلتكم عبر الشبكات الاجتماعية لإحياء النقاش. فكلنا مختلفون ولكن كلنا سواسية أمام إعمال العقل. وهذا هو السبيل الأكيد لبناء مجتمعات أكثر عدلاً وأكثر إنصافاً، تستمد طاقتها من التفكير النقدي.

المصدر: اليونسكو

Print This Post