حرية التعبير وتحول وسائل الإعلام الحكومية في ليبيا

2013/07/11

انتظمت ورشة عمل لمدة يومين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو 2013) في 1،2 مايو بمدينة طرابلس/ ليبيا. وشارك في هذا العمل كل من وزارة الاعلام في ليبيا، والهيئة العامة للصحافة الليبية واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم والمكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة، واتحاد الاذاعات الأوروبية ومجموعة لاستشارات وسائل الاعلام ووكالة تسويق التقنية وتخطيط وسائل الاعلام وجمع من المتخصصين والمهتمين بالمجال الاعلامي في كل من ليبيا وتونس ومصر.

في عام 2013، احتفل اليوم العالمي لحرية الصحافة (WPFD) بالذكرى السنوية الـ 20 في 3 مايو، حيث تم تخصيص هذا اليوم للاحتفال بهذا الحدث سنوياً. وقد برز اليوم العالمي لحرية الصحافة WPFD باعتباره طريقة فعالة لرفع مستوى الوعي بأهمية حرية التعبير وحرية الصحافة على الصعيد العالمي.  وبعد عقود من نظام سياسي لم يكن مواتيا لحرية الصحافة،  فقد بشرت ثورة 17 فبراير إيذاناً بمرحلة سياسية جديدة في ليبيا، مع الوعد بما يمهد الطريق لبيئة جديدة من شأنها أن تسمح لوسائل الإعلام أن تلعب دوراً في تعزيز التلاحم الوطني ومشاركة ديمقراطية أكبر في مجتمع كان مقيداً ومحدوداً.

وفي نفس الوقت الذي أطلق فرصة أكبر لخلق بيئة تشجع على زيادة حرية التعبير وحرية الصحافة، فقد أثارت ثورة 17 فبراير أيضاً عدداً من التحديات في قطاع وسائل الإعلام التي ينبغي معالجتها من أجل اغتنام هذه الفرصة إلى الحد الأقصى.  وهكذا، لا تكون اليونسكو قد ساعدت فقط في الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة WPFD، ولكن المنظمة أيضاً قامت بتنظيم مناقشة واسعة النطاق حول ما تعنيه ‘حرية التعبير’ في السياق الليبي، وتبع ذلك ورشة عمل حول أحد القضايا الأكثر إلحاحا التي تواجه وسائل الإعلام الليبية:  تعزيز خدمات البث الإذاعي العام.

خلال يومين من ورشة العمل، عملت المناقشة المفتوحة بين أصحاب المصلحة المعنيين في قطاع الإعلام في ليبيا على تقديم المداخلات التي يؤمل أن تسهم في نهاية المطاف إلى خلق سياسة إعلامية للبلاد. وكذلك، فإن مناقشات بشأن جوانب مختلفة تتعلق بتعزيز « قناة الوطنية »، شركة البث التلفزيوني الحكومية القائمة، قد تم الشروع بها وسوف يتم متابعة التوصيات في هذا الخصوص، بما في ذلك وضع خطة عمل مع التركيز على إدخال المزيد من عناصر الخدمات الإذاعية العامة. وإن البدء والمبادرة في هذه المناقشات حول حرية التعبير وإطلاق خطة إصلاح البث الإذاعي كانت الأهداف الرئيسة لحدث اليوم العالمي لحرية الصحافة WPFD في طرابلس هذا العام.

وقد تم تنظيم هذه المناقشات واسعة النطاق حول حرية التعبير، وكذلك ورشة العمل من قبل اليونسكو، جنباً إلى جنب مع اتحاد الإذاعات الأوروبية (EBU)، ووزارة الإعلام الليبية والمؤسسات ذات الصلة والأفراد المعنيين، وذلك بهدف تلبية الأهداف المذكورة أعلاه.  ويجب أن يتضمن وضع رؤية وخطة عمل مشاركة أصحاب المصلحة الرئيسة المسؤولين عن سير عمل قطاع البث الإذاعي في ليبيا، فضلا عن أولئك المسؤولين عن رفع مستوى الوعي وتعزيز المساءلة بشأن وسائل إعلام حرة ومستقلة وتعددية داخل  مجتمع أكبر. ويستنتج من ذلك أنه تم الوفاء بهذا الالتزام.

النقاط والتوصيات الرئيسة:

1)بناء القدرات والتدريب لتحسين الجودة، والصحافة المحترفة

أ.الاستقلالية يمكن أن تمارس حتى في وسائل الإعلام تحت سيطرة الدولة جزئياً عن طريق ضمان الفصل بين المسؤوليات الإدارية والتحريرية؛

ب.الوضع، والمصادقة والنشر الواسع لمدونة قواعد السلوك هو من الأولويات، وذلك بالنسبة لجميع محترفي وسائل الإعلام، وليس فقط بالنسبة للصحفيين؛

ج.التدريب ورفع مستوى المعرفة والمهارات لجميع موظفي مجموعة « قناة الوطنية »، وليس فقط الصحفيين ولكن أيضا غيرهم من الإعلاميين هو أمر ضروري، من أجل تحقيق هدف محدد لتعجيل التحول والانتقال من كيان وسائل إعلام حكومية/رسمية إلى وسائل إعلام عامة PSM؛

د.ينبغي تعزيز كل المؤسسات ذات الصلة، وينبغي إنشاء هيئة تنظيمية قوية بين الحكومة ووسائل الإعلام العامة PSM؛

هـ.ينبغي توفير دعم التعليم العالي ومؤسسات التدريب الأخرى، بما في ذلك تنقيح/مراجعة المناهج الدراسية وتطوير المواد التدريبية ذات الصلة لتعزيز ممارسة العمل الصحفي المتميز بالجودة؛

و.ينبغي إنشاء منتديات/منابر وتوفير الفرص لتبادل الأفكار وأفضل الممارسات بين المجتمعات الصحفية ووسائل الإعلام الدولية والليبية؛

2)تعزيز السلامة والتنظيم الذاتي لمحترفي وسائل الإعلام

أ.يجب العمل على توفير سلامة الصحفيين والإعلاميين وذلك من خلال مختلف الأنشطة وينبغي أن ترتبط الأنشطة بخطة الأمم المتحدة لسلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب؛

ب.يجب  تعزيز الاتحادات من أجل أن تلعب دورا أكثر نشاطا في حماية محترفي وسائل الإعلام والصحفيين؛

ج.توفير مدونة سلوك للصحفيين والإعلاميين سوف يساعد على ضمان التنظيم الذاتي، والممارسات الصحفية المسؤولة والمحترفة؛

3)إطار قانوني قوي

أ.حرية التعبير، حرية الصحافة وحرية الإعلام، بما في ذلك توفير استقلال وسائل الإعلام العامة PSM، وحماية سلطتها التنظيمية بواسطة القانون، بما في ذلك – كخطوة أولى – أن يتم تجسيدها في الدستور؛

ب.ينبغي سن قانون وسائط الإعلام العامة الذي يشمل إنشاء خدمات البث الإذاعي العام من منظمات البث الحكومية القائمة والأطر التنظيمية ذات الصلة لوضع نظام مزدوج من التلفزيون، والإذاعة والصحافة المكتوبة وكذلك الخطوط العريضة لحقوق والتزامات الصحفيين؛

ج.ينبغي تحديث قانون الاتصالات بحيث يكون متمشيا مع المعايير الدولية؛

د.ينبغي سن قانون البث الإذاعي من أجل تحويل هيئات الإذاعة الحكومية الرسمية إلى هيئات إذاعات عامة، بما في ذلك توفير تخصيص الترددات ((frequencies، وترخيص الإذاعات الخاصة، ومعايير البرمجة والاهتمام بالتنوع الثقافي؛

هـ.ينبغي تحليل جميع القوانين الحالية في إطار تعزيزها أو حدها من حرية التعبير والإعلام؛

و.ينبغي أن يشارك المؤتمر الوطني العام GNC بشكل أكبر في عملية التحول/الانتقال نحو وسائل الإعلام العامة PSM وتحقيق اللامركزية في عملية الاتصال.  ويمكن أن يتم هذا، في جزء منه، من خلال تعزيز أللحنة العليا للإعلام في المؤتمر الوطني العام GNC. ويجب توفر رؤية عالمية للتنظيم تشمل القوانين والنظم الداخلية، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالتمويل؛

ز.إنشاء هيئات تنظيم مستقلة؛

ح.إنشاء منظمات وجمعيات أصحاب المصلحة؛

ط.بالإضافة إلى إطار قانوني وطني للإعلام وحرية التعبير، هناك حاجة أيضا لتوفر تنظيم مناطقي/على مستوى المناطق؛

ي.ينبغي تنفيذ تشريعات وسائل الإعلام من خلال مجموعة متماسكة من الأحكام والقوانين.

4)تحسين/تطوير المعدات التقنية والبنية التحتية، بما في ذلك النقلة الرقمية

أ.يجب العمل على إصلاح معدات البث العام، وتوفيرها و/أو تطويرها، بما في ذلك إصلاح الأضرار للبنية التحتية؛

ب.ينبغي أن يتم التحول من البث التماثلي analogue إلى الرقمي الكامل، مع احترام الموعد النهائي المقرر من الاتحاد الدولي للاتصالات ITU المحدد بالعام 2015. لا بد من العمل السريع من أجل تلبية هذا الموعد النهائي والالتزام المتفق عليه دوليا، في ليبيا. إذا لم يتم الإيفاء بهذا الالتزام، ستفقد ليبيا السيطرة على التدخلات والتشويش على نظام الترددات عندها وسوف تعتمد على الأقمار الصناعية الأجنبية لتزويد السكان الليبيين بالمحتوى ووسائل  الاتصالات السلكية واللاسلكية.

5)تحسين الاستدامة وتعزيز نموذج تمويل  حسب الإطار الوطني

أ.حيث أن نماذج العمل الحالية، وخاصة  بالنسبة لوسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية، ليست مستدامة في ليبيا، لذا ينبغي تحليل الاحتياجات وتوفير التدابير لدعم وتحسين الاستدامة؛

ب.إن الخصوصية المحلية وتخصيص الاعتمادات المالية المحلية هي أمور أساسية في تصميم  خدمات البث الإذاعي العام في ليبيا، مع ضرورة تجنب الحلول « الجاهزة » المستوردة لسياقات لا تعكس السياق الليبي؛

ج.ينبغي النظر بدقة في موضوع تمويل خدمة البث الإذاعي العام، لأنها غالبا ما تكون غير محايدة. وسيؤثر النموذج المختار على استقلال خدمة البث الإذاعي العام وعلى قدرته على تلبية احتياجات جميع المواطنين.

6)تعزيز التنوع الثقافي والتعددية من خلال وسائل الإعلام المتصفة بالجودة

أ.وسائل الإعلام مهمة في تشكيل علاقة جديدة بين المجتمع المدني والمجتمع ككل، وبالتالي، ينبغي أن تعكس التنوع والتعددية داخل المجتمع الليبي؛

ب.التغطية العادلة والتعددية في الرأي ضرورية في البرامج الإخبارية وكذلك في أنواع أخرى من البرامج الإذاعية.

ج.التنوع الثقافي هو عنصر هام للتماسك الليبي ولخدمات وسائل الإعلام العامة PSM في المستقبل، وينبغي أن تعتبر  أولوية قصوى بالنسبة لخدمات وسائل الإعلام العامة PSM. هذا إضافة إلى أن التنوع الثقافي يرتبط أيضا بتطوير القطاع الإبداعي المستقل في ليبيا، بما في ذلك المنتجين والمخرجين و كتاب السيناريو، والذين سوف تكون لديهم القدرة على تعزيز أصوات ورؤى بديلة.  والإذاعة العامة القوية هي عامل رئيسي في تحقيق هذا الهدف من التعزيز الناجح للقطاع الإبداعي المستقل؛

د.التصديق على إتفاقية منظمة اليونسكو 2005 للتنوع الثقافي هو أحد أولويات  ليبيا في الأشهر المقبلة، وهذا يجب أن ينعكس بينما تتحرك خدمات وسائل الإعلام العامة PSM إلى الأمام .

7)رفع مستوى الوعي وتحسين إدراك وسائل الإعلام

أ.تحديث خدمات البث الإذاعي العام PSB يسير جنبا إلى جنب مع تحديث النظرة إلى وسائل الإعلام ودورها في الرأي العام في مجتمع ديمقراطي؛

ب.ينبغي بذل الجهود لتحسين إدراك وفهم وسائل الإعلام الليبية بين عامة السكان، حيث أن هناك إرثا من عدم الثقة. ويمكن التغلب على ذلك عن طريق توفير مصادر معلومات تتصف بالجودة والمصداقية وموثوقا بها وذلك عبر خدمة البث الإذاعي العام، وذلك من خلال الممارسة الصحفية المهنية والأخلاقية والموضوعية.

الخطوات القادمة

سوف تقوم منظمة اليونسكو بدعم وزارة الإعلام ووزارة الثقافة ووزارة الاتصالات في التحول نحو إنشاء خدمة البث الإذاعي العام في ليبيا. وسيتم توفير هذا الدعم من خلال المساعدة التقنية المباشرة وبناء القدرات، تقدم في مجموعة منوعة من الأساليب، بما في ذلك ورش العمل.

بالإضافة للتدريب والتمرين الشامل داخل « قناة الوطنية » (وكافة قنوات الإذاعة والتلفزيون المملوكة من الدولة)، سيتم تنظيم أربع ورش عمل على الأقل حسب المجالات الموضوعية التالية:

أ.بناء القدرات لكامل مجموعة « قناة الوطنية » من أجل أن تصبح خدمة بث عام حقيقية

ب.البرمجة ذات الجودة، بما في ذلك الفرص للإبداعات الفنية المستقلة

ج.حوكمة ونظم خدمات وسائل الإعلام العامة بما يتماشى مع المعايير الدولية لمنظمة اليونسكو ولمجلس المعايير الأوروبي

د.النماذج المستدامة لتمويل خدمات وسائل الإعلام العامة

سيتم التعاون ما بين منظمة اليونسكو، والاتحاد الدولي للاتصالات واتحاد الإذاعات الأوروبية نحو تنظيم سريع لمؤتمر في ليبيا لتسريع عملية الانتقال للمرحلة الرقمية.  وسوف يسعون إلى التعاون والتآزر مع وزارات الإعلام، والثقافة والاتصالات.

وفي ختام ورشة العمل أصدر المشاركون البيان التالي:

* تقديم الشكر لوزارة الإعلام، والخبراء والزملاء من تونس، ومصر، واليونسكو لتنظيم ورشة عمل لمدة يومين حول حرية التعبير وتحول وسائل الإعلام الرسمية في ليبيا، وقناة فرنسا الدولية (CFI) للدعم السخي لبرنامج بناء القدرات الأوسع في خدمات الإذاعة العامة، الذي أطلقته ورشة العمل هذه؛

* وإذ يكررون تأكيد أن هذه الورشة تهدف إلى إطلاق برنامج أوسع لتقديم الدعم في مجال خدمات الإذاعة  العامة ليشمل بناء القدرات، والتدريب والمساعدة التقنية الشاملة من منظمة اليونسكو UNESCO والمنظمة الشريكة لها، اتحاد الإذاعات الأوروبية (EBU)؛

* وإذ يسلم المشاركون بأن قطاع الإعلام في ليبيا، بما في ذلك سلطة تعزيز ودعم الصحافة والنقابات  والاتحادات القائمة، فإنهم يدركون حاجة هذه السلطة للمساعدة، بما في ذلك في مجال التخطيط الاستراتيجي، وأنها تقدمت طالبة استمرار الدعم من اليونسكو والشركاء المعنيين الآخرين في المجتمع الدولي؛

* وإذ يبين المشاركون الجهود المبذولة لتعزيز حرية التعبير ووسائل الإعلام المهنية التعددية والمستقلة التي يمكن أن تترسخ في ليبيا فقط إذا كان هناك التزام بهذه المبادئ من قبل الحكومة ووسائل الإعلام والمجتمع ككل؛

* وإذ يقاسمون مجموعة من التوصيات المحددة من خلال مناقشة التحديات التي تواجه قطاع وسائل الإعلام ، وعلى الأخص فيما يتعلق بخدمات الإذاعة/البث العام (Public Service Broadcasting) ، وكذلك اقتراح الخطوات المقبلة، في ضوء تنفيذ خطة عمل إستراتيجية منسقة لخلق إذاعيين عامين في ليبيا وتعزيز وسائل إعلام حرة، ومهنية/إحترافية وتعددية من أجل تعزيز حرية التعبير على مستوى الأمة.

* وإذ يوصون بقوة بأنه، في حين أن هذه المناقشات كانت مثمرة، فإنها تحتاج الآن إلى أن يتم ترجمتها إلى إجراءات ومبادرات ملموسة من شأنها أن تؤثر وتحسن العمل اليومي للمهنيين/المحترفين بوسائل الإعلام في ليبيا.

المصدر: وزارة الاعلام في ليبيا

Print This Post