تقرير حول وثيقة « إلغاء ومنع كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات »

2013/04/2

اعتماد الوثيقة :

اعتمدت لجنة وضع المرأة التي عقدت في الفترة 4-15 مارس 2013 دورتها السابعة والخمسين (57) في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إعلانا بصيغة « استنتاجات متفق عليها بشأن إلغاء ومنع كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات« .

وكان النص المعروض على اللجنة  للاعتماد، المتضمن في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة قد لاقى معارضة من قبل بعض الدول الإسلامية والفاتيكان (حسب ما نقلت وسائل الإعلام) ولكن المحادثات المكثفة التي جرت داخل اللجنة وعلى هامشها على مدى أسبوعين أفضت إلى التوصل إلى توافق حول اعتماد صيغة معدلة للوثيقة الأصلية بتاريخ 15 مارس 2013.

وأشارت وكالات الأنباء إلى أن الدول الإسلامية والغربية توصلت إلى صيغة مكنتها من تجاوز خلافاتها والاتفاق على الإعلان الذي يتضمن مدونة سلوك لمكافحة العنف ضد النساء. وفي ختام المفاوضات وافقت ليبيا وايران ودول اسلامية أخرى كانت متحفظة سابقا، على إدراج فقرة في الإعلان تنص على أن العنف ضد النساء والبنات لا يمكن تبريره بأي « عادات أو تقاليد أو اعتبارات دينية ». وقدمت الدول الغربية وخصوصا البلدان الاسكندنافية، تنازلات في الفصل الذي كانت قد اقترحته والمتعلق بحقوق مثلييي الجنس والحقوق الجنسية وذلك حسب ما أوردته وكالات الأنباء.

ووفقا لهذه المصادر فقد أبدت ليبيا ومصر وقطر وايران ونيجيريا والسودان بالإضافة إلى هوندوراس والفاتيكان تحفظات بشأن الإعلان إلا أنها لم تعرقل إقرار النص الذي رغم كونه غير ملزم إلا أنه يشكل ثقلا ضاغطا على الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.

 

اللجنة التي أصدرت الوثيقة

لجنة وضع المرأة (CSW) التي أصدرت الوثيقة هي لجنة تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC)  وهي الهيئة الدولية الأساسية صانعة القرار المتخصصة في المساواة بين الجنسين وتقدم المرأة. وتتألف اللجنة من 45 دولة عضو ينتخب المجلس كل منها لأربع سنوات مع مراعاة التوزيع الجغرافي، والدول العربية الأعضاء حاليا في اللجنة هي ليبيا والعراق وموريتانيا.

وتشارك في اجتماعات اللجنة بصفة مراقبين كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والدول غير الأعضاء والمنظمات غير الحكومية المعنية والوكالات المتخصصة وآخرون.

وتجتمع الدول الأعضاء في هذه اللجنة كل عام في مقر الأمم المتحدة في نيويورك لتقييم التقدم  الحاصل في مجال المساواة بين الجنسين، لتشخيص التحديات ووضع المعايير الدولية ورسم سياسات ملموسة لدعم المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من الحصول على حقوقها وأداء دورها في جميع أنحاء العالم. وقد تأسست لجنة وضع المرأة من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي في21 يونيو عام 1946. وتخرج اللجنة في كل دورة بوثيقتين أساسيتين هما :

*الاستنتاجات المتفق عليها،

* المقررات (المتعلقة بالتنظيم المستقبلي للجنة وبأساليب عملها،  وكذلك بوضع المرأة الفلسطينية وتقديم الدعم لها).

وكانت اللجنة قد تناولت موضوع العنف ضد المرأة وحقوق الانسان في اجتماعها عام 2003، إلا أنها لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. (كما أنها لم تتمكن العام الماضي من التوصل إلى اتفاق بشأن موضوع المرأة الريفية).

 

ردود الفعل حول الوثيقة :

اعتبرت أوساط الأمم المتحدة أن التوصل إلى هذه الوثيقة انجاز « تاريخي »، وقد ألقت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة (UN-Women) كلمة في نهاية أعمال اللجنة (تبعتها ببيان) أكدت فيها أن العنف لا يعرف حدودا ولا يميز بين الجنسيات والأعراق والطبقات الاجتماعية والثقافة والدين، ويدفع الأفراد والأسر والمجتمعات ثمنا باهظا من جرائه. وأعربت عن سعادتها لتمكن أعضاء اللجنة من التوصل إلى اتفاق لمنع وإلغاء العنف ضد النساء والبنات متجاوزين الاختلاف القائم بينهم في وجهات النظر، وأكدت على ضرورة استمرار العمل لتحويل الأقوال والكلمات إلى أفعال.

وأشارت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن اللجنة قامت بالإضافة لاعتماد الاستنتاجات المتفق عليها، باعتماد قرارات تتناول تنظيم وأساليب عمل لجنة وضع المرأة، وكذلك وضع المرأة الفلسطينية وتقديم المساعدة لها.

كما أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بيانا رحب فيه بنتائج ما أسماه « الدورة التاريخية للجنة وضع المرأة ».   

وكان سفير ليبيا لدى الأمم المتحدة والقائم بالأعمال بالوكالة (السيد ابراهيم عمر الدباشي) قد ألقى كلمة يوم 11/3/2013 في اللجنة، أكد فيها أن موضوع العنف ضد المرأة يحظى باهتمام جميع أعضاء المجتمع الدولي وهو ظاهرة لا تخص مجتمعا بعينه أو ثقافة أو منطقة جغرافية معينة، ولكنه ظاهرة موجودة في كل المجتمعات.

وأكد (التزام ليبيا بكافة تعهداتها الدولية المتعلقة بحماية حقوق الانسان للمرأة التي لا تتعارض مع مبادىء الدين الإسلامي، وإدانتها لجميع أشكال العنف ضدها).

وأشار مندوب ليبيا في كلمته أن ليبيا تؤكد (رفضها المطلق للربط بين العنف ضد المرأة وأي دين أو معتقد أو ثقافة أو عرف اجتماعي) وأكد رفض ليبيا المطلق (لأي محاولة تهدف إلى فرض مفاهيم غير متفق عليها دوليا وتتعارض مع مبادىء الشريعة الإسلامية). (رابط إلى نص كلمة وفد ليبيا في اللجنة)

وقد صدرت مواقف اعتراض على الوثيقة من عدد من الأوساط، ولا سيما الدينية، حتى قبل اعتمادها. حيث صدر بيان عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اعتبر أن (المؤتمرات الأممية تتجه في بعض الأحيان إلى ما يؤدي إلى تفكيك الأسرة والاضرار بها) وطالب الوفود الحكومية المشاركة ب (التحفظ على تلك الوثائق وعدم التورط في التوقيع على المزيد منها.. ورفض كل ما يخالف الشريعة الإسلامية في الوثيقة..) وتضمن البيان سردا للمسائل التي يعتبر الاتحاد أنها تخالف الشريعة الإسلامية في مشروع الوثيقة.

كما أصدرت دار الافتاء الليبية بيانا مشابها مستوحى من الأول، وصفت فيه ما تضمنته الوثيقة من مبادىء بأنها (ظالمة وهدامة تهدف لنسف الأسرة وتقويض كيانها والدعوة إلى الانحلال الأخلاقي…).

 

مضمون الوثيقة

وتتألف الوثيقة المعتمدة، المتوفرة حاليا باللغة الإنكليزية فقط، والتي تحمل عنوان (إلغاء ومنع كافة أشكال العنف ضد النساء والبنات/ الاستنتاجات المتفق عليها) من 16 صفحة و 35 فقرة.

وتشير الوثيقة في الفقرات الأولى إلى القرارات الدولية السابقة ذات العلاقة أو الصلة بالموضوع وإلى الوثائق والإعلانات الخاصة بهذا الشأن. وتشير بعدها إلى جذور ظاهرة العنف ضد المرأة المستمرة في كافة بلدان العالم والتي تحرم المرأة من حقوق الإنسان الخاصة بها. وتعرف الوثيقة (في الفقرة العاشرة) العنف ضد المرأة باعتباره (أي عمل عنف قائم على نوع الجنس ويفضي أو يحتمل أن يفضي إلى تعرض المرأة لأذى أو معاناة على الصعيد الجسدي أو الجنسي أو النفسي، بما في ذلك التهديد بارتكاب أعمال من هذا القبيل أو الاكراه، أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة). وتشير اللجنة في الوثيقة أيضا إلى الضرر الاقتصادي والاجتماعي الذي يسببه هذا العنف.

وتدين الوثيقة بشدة (في الفقرة 14) كافة أشكال العنف ضد النساء والبنات وتدعو الدول إلى إدانتها بشدة وإلى الامتناع عن تبرير ذلك (بأية عادات أو تقاليد أو اعتبارات دينية) لتجنب تنفيذ التزاماتها وفق النصوص الدولية.

كما تؤكد اللجنة في الوثيقة على أن الدول ملزمة، على كافة مستوياتها، باستخدام الوسائل المناسبة لتعزيز وحماية كافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للنساء والبنات، ودعت الدول إلى إلغاء القوانين والعادات التي فيها تمييز ضد المرأة.

وتؤكد الوثيقة على التعليم، ومحو الأمية، والتعليم في المناطق الريفية والنائية، وسد الفجوة بين الجنسين في كافة مستويات التعليم التي تساهم بدورها في إلغاء كافة أشكال التمييز والعنف ضد النساء والبنات. وتعتبر اللجنة أن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (empowerment of women)  بما في ذلك من النواحي الاقتصادية والوصول المتساوي إلى الموارد وغير ذلك، أمور أساسية لمعالجة الأسباب الكامنة وراء ظاهرة العنف ضد النساء والبنات.

وتتناول الوثيقة مسألة العنف ضد المرأة والتحرش الجنسي ضدها في الأماكن العامة، وظاهرة قتل النساء، وهشاشة وضع النساء الكبار في السن، ونساء الشعوب الأصلية.

كما تؤكد الوثيقة على دور المجتمعات والرجال والمجتمع المدني والمنظمات الشبابية في الجهود الهادفة لإلغاء ظاهرة العنف ضد النساء والبنات، وكذلك على دور منظومة الأمم المتحدة وبشكل خاص هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN-Women)، وعلى أهمية جمع المعلومات حول هذه الظاهرة.

 

الإجراءات التنفيذية التي تدعو إليها الوثيقة:

وتدعو اللجنة في الوثيقة، الحكومات،بالتعاون مع منظومة الأمم المتحدة والجهات الفاعلة، إلى اتخاذ إجراءات معينة تتوزع على أربعة محاور :

أ – تعزيز تنفيذ الأطر القانونية والسياسية والمحاسبة

ب- تناول الأسباب الهيكلية الكامنة وعوامل الخطر بما يؤدي إلى منع العنف ضد النساء والبنات.

ج- تعزيز الخدمات والبرامج متعددة القطاعات والردود على العنف ضد النساء والبنات.

د- تحسين قاعدة الاثباتات بشأن الموضوع

وأبرز ما تتضمنه هذه الإجراءات التي يطلب من الحكومات اتخاذها :

* المصادقة على معاهدة إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة  ومعاهدة حقوق الطفل.

* التشجيع على استخدام مصادر القانون الدولي والممارسات الحسنة  لمحاربة هذه الظاهرة.

* تبني قوانين تجرم العنف ضد المرأة وتطبق الموجود بهذا الشأن

* تعزيز القوانين الوطنية لمعاقبة قتل النساء

* ضمان حصول النساء على مساعدة العدالة

* تعديل القوانين والسياسات والممارسات التي فيها تمييز ضد النساء

* زيادة ميزانيات المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة

* ضمان منع العنف ضد المرأة في حالات النزاع وما بعدها

* ضمان المحاسبة ضد جرائم القتل التي تستهدف النساء وجرائم العنف الجنسي التي يمنعها القانون الدولي، وإنهاء ظاهرة الإفلات  من العقاب في هذا المجال.

*اتخاذ الإجراءات لضمان المشاركة المتساوية للرجال والنساء في كافة جوانب الحياة السياسية وفي صنع القرار.

*معالجة العنف الحاصل ضد النساء من جراء الجرائم المنظمة العابرة للحدود بما في ذلك تهريب الأشخاص وتهريب المخدرات

*تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي والدولي

*اعتماد تمويل إصلاحات سياسية وبرامج دعم التعليم لتعزيز الوعي في أجهزة الدولة بشكل عام بهذا الشأن.

*اتخاذ الإجراءات لضمان حقوق الانسان للسجينات والنساء تحت رعاية الدولة ولا سيما ضد العنف والاستغلال الجنسي.

* تعزيز إشراك المرأة في الاقتصاد

* تعزيز وإسراع الجهود في معالجة أسباب العنف ضد المرأة

* اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية والمالية لإعطاء المرأة الوصول الكامل والمتساوي للموارد الاقتصادية بما في ذلك حق الإرث وتملك الأرض وغيرها من الممتلكات، والحصول على القروض وغير ذلك.

*الامتناع عن استخدام تبريرات اجتماعية لإنكار حرية الحركة على المرأة، وحقها في التملك وحقها في الحماية المتساوية  من قبل القانون.

*رسم وتطبيق سياسات وطنية تهدف إلى تغيير الأعراف الاجتماعية التي تتغاضى عن العنف ضد النساء والبنات.. والعمل على مواجهة العقليات التي تنظر للمرأة نظرة دونية بالنسبة للرجل.

*تطوير وتنفيذ برامج تعليمية بما في ذلك تعليم التربية الجنسية القائمة على المعلومات الدقيقة للمراهقين والشباب، بما يتلائم مع قدراتهم، بإدارة وإشراف الأهل والراعين القانونيين.

*تعزيز وحماية حقوق الإنسان لكل النساء بما في ذلك حق السيطرة والقرار الحر والمسؤول في الأمور المتعلقة بالجوانب الجنسية التي تتضمن الصحة الجنسية والانجابية الخالية من الإكراه والتمييز والعنف، والإسراع بسن وتطبيق القوانين والسياسات التي تحمي التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

* مراجعة وتفعيل وتطبيق القوانين والأنظمة الخاصة بالسن القانوني الأدنى للموافقة وللزواج، ورفع السن الأدنى للزواج عند الضرورة، بهدف إنهاء ظاهرة زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج بالإكراه.

* الاعتراف بالدور الهام الذي يلعبه الإعلام في إلغاء الصورة النمطية للجنسين.

*دعم استخدام تقنيات الاتصال والمعلومات لتمكين المرأة

*تحسين أمن البنات في المدارس وفي طريقهم منها وإليها.

*اتخاذ الإجراءات لضمان عدم وجود ممارسات تمييزية وعنف واستغلال جنسي بحق النساء في العمل.

* اتخاذ الإجراءات لمنع العنف ضد المرأة في النظام الصحي مثل التحرش الجنسي والإجراءات الطبية الإجبارية المهينة وتلك التي تتم من دون الموافقة الواعية وغير ذلك.

*تناول كافة الآثار الصحية للعنف ضد المرأة

*الإسراع في الجهود لتناول تقاطع موضوعي فيروس نقص المناعة (AIDS) وظاهرة العنف ضد المرأة.

*إلغاء التمييز الممارس بحق النساء المصابات بفايروس الأيدز والحاملات له.

*إكمال الأبحاث والتحليلات الجامعة للاختصاصات بشأن الأسباب البنوية والكامنة خلف العنف ضد النساء.

*جمع ومقارنة وتحليل وتوزيع البيانات والإحصائيات حول الأشكال المختلفة للتمييز والعنف ضد المرأة على المستويات الوطنية والمحلية *تعزيز تبادل أفضل الممارسات والتجارب والسياسات الناجحة.

 

الوثائق الأخرى ذات العلاقة :

وهناك عدد من الوثائق والاعلانات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة الوثيقة بالاعلان موضوع البحث وبحقوق المرأة، أهمها :

*اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

إعلان ومنهاج (/منصة) عمل بكين (بيجين)

* برنامج عمل المؤتمر الدولي حول السكان والتنمية

  

المصدر مندوبية ليبيا لدى اليونسكو

 

 

Print This Post