تبادل المعلومات حول التنمية المستدامة

2014/10/16

أقيم يوم الأربعاء 17 سبتمبر 2014 اجتماع في مقر اليونسكو دعت إليه مندوبية كندا، لتبادل المعلومات حول جدول أعمال التنمية المستدامة لما بعد 2015 وقد ألقيت في الاجتماع محاضرتان، قدمهما باحثان متخصصان في البيئة بمناسبة مرورهما بباريس، وقام مندوب كندا لدى اليونسكو بتقديم المحاضرين.

المداخلة الأولى قدمها تورو كيري المتخصص في برنامج (CIDD) الإعفاءات الضريبية للتنمية المستدامة لعام 2014، ومعهد الناطقين بالفرنسية للتنمية المستدامة (IFDD)  والمنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية (OIF). وكان موضوع المداخلة « أهداف منظمة التنمية المستدامة وبرنامج التنمية للأمم المتحدة لما بعد 2015 (أو جدول أعمال ما بعد 2015) ».

تناول الباحث في مداخلته التواريخ المهمة المتعلقة بتعريف التنمية المستدامة منذ عام 1972 (استوكهولم) حيث بدأ المجتمع الدولي بعد هذا التاريخ يطرح الأسئلة ويوحد أفكاره لإيجاد طريقة عملية في موضوع التنمية المستدامة إذ تم في سنة 1992 اعتماد جدول أعمال 21 (برنامج عمل)، وفي سنة 2000 تم اعتماد المواد المتعلقة بالتنمية لسنة 2009، أما في سنة 2010 فإن التخطيط الرقمي للأقاليم (ANT للتنمية المستدامة) ألتزم بوضع برنامج عمل جديد.

أشار الباحث إلى عدة تعريفات للتنمية المستدامة وأكد بأن أهمها هو أن « التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على أن تكون قادرة على تلبية احتياجاتها الخاصة ». ورأى المتحدث أنه غالباً ما يتم نسيان تلك النقاط الصغيرة التي يشير إليها التعريف الذي يبين مسألة الاحتياج مع ربطها بقدرة البيئة، ولكن تعريف الناطقين بالفرنسية يشير إلى أن التنمية المستدامة هي عبارة عن نهج يدعو إلى التحسن المستمر للنوعية في أبعادها البيئية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وأشار الباحث إلى أن التنمية المستدامة في تعريف اليونسكو تتضمن ثلاثة أبعاد وهي الاجتماعي والبيئي والاقتصادي. ورأى أنه قد نسي بُعداً آخر وهو مسألة الحوكمة، وأكد على أن تعريف الناطقين بالفرنسية يشير إلى هذا البعد، وإلى الإشكالية التي يتم طرحها في بعض الأماكن ألا وهي كيفية تنفيذ التنمية التي تأخذ في الحسبان على الأقل خمسة أبعاد، ويتم العمل من ناحية المنظور الاقتصادي حيث هناك قواعد وحقوق حسابية بسيطة. واعتبر المتحدث أن الاشكالية التي يتم الانطلاق منها في هذا الإطار بناء على محاولات المجتمع الدولي هي تطوير الوسائل للبدء في (برنامج العمل 21 ) والذي يحتوي على 800 صفحة وكذلك على 2500 توصية وحل للتطبيق.

وذكر الباحث أن في عام 2000 اعتمد المجتمع الدولي الأهداف الإنمائية للألفية (OMD)، وأن اهتمامات الأهداف الإنمائية للألفية على وجه الخصوص كانت معروفة، وتخضع للعمليات العالمية والوطنية، وأنها قابلة للمقارنة بين الدول. وأكد أن التنمية المستدامة هي للجميع، إذ حاول المجتمع الدولي في عام 2002 تحديد الأدوات المختلفة في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة للجميع، وقد ألتزم بتطويرها وتنفيذها بجميع مراحلها منذ سنة 2005، إلا أن برنامج التطوير (برنامج أعمال 21) لم يشهد نجاحاً كبيراً. ورأى الباحث أن المجتمع الدولي بحاجة إلى تصحيح هذا النقص بطرق ووسائل صالحة لكل الدول، واللاعبين، ومن أجل هذا يُلاحظ أن هناك عدة عمليات تم إطلاقها مثل الأهداف الإنمائية للألفية وجدول أعمال مرحلة ما بعد عام 2015

إن برنامج أعمال 21 كما يوحي اسمه، هو عبارة عن خطة عمل للقرن 21، حيث تم اعتماده من قبل 173 رئيس دولة في قمة الأرض في ريو دي جانيرو في عام 1992. وتتكون خطة العمل هذه من 40 فصلاً، وتحدد المناطق التي يجب أن تطبق فيها التنمية المستدامة في سياق السلطات المحلية. وتعد توصيات في مجالات متنوعة مثل:

الفقر، الصحة، الإسكان، التلوث، إدارة البحار والغابات والجبال، التصحر، إدارة موارد المياه والصرف الصحي، إدارة الزراعة، وإدارة النفايات.

وأشار المتحدث أيضاً إلى أن التنمية المستدامة تفرض على الجميع عدة متطلبات:
• تلبية الاحتياجات الأساسية للأجيال الحالية والمستقبلية، فيما يتعلق بالقيود الديمغرافية (الماء والغذاء والتعليم والصحة والعمالة)

• تحسين نوعية الحياة (الخدمات الاجتماعية، والإسكان، والثقافة …)

• احترام الحقوق والحريات،

• بناء أشكال جديدة من الطاقة المتجددة (الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية)
وأوضح المتحدث بأن التنمية المستدامة في مجال الزراعة، على سبيل المثال تعني الإدارة الفعالة من حيث التكلفة، دون التأثير سلباً على البيئة ودون التقليل من الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، ما يؤدي إلى إنتاج صحي، والامتثال للمتطلبات البيئية والصحية مع الأخذ في الاعتبار مستقبل المزارعين، والزراعة العضوية تماشياً مع الزراعة المستدامة.

المتحدث الثاني: السيد كلود فيلانوف أستاذ كرسي في الاستشارات البيئية، جامعة كيبيك في شكوتيمي بالتعاون مع السيد: ديفيد تيمبلاي والسيد: سيبي بونفيس، موضوع المداخلة: « الإطار التحليلي للتنمية المستدامة: أداة لتفعيل التنمية المستدامة على المستوى الوطني ».

تناول الباحث في هذه المداخلة أهداف التنمية المستدامة وكيفية دمج إدارة الكربون في الأنشطة المهنية، والقيود المفروضة على مفهوم التنمية المستدامة، وشدد على صعوبة تقييم الطريقة المناسبة لقدرة تحمل الأثر التراكمي للأنظمة (العالمية مقابل المحلية)، وأكد أيضاً على صعوبة ترشيد المتطلبات، وعلى أن التنمية المستدامة تهدف إلى تلبية احتياجات الإنسان اليوم وغداً، وتهيئة الظروف التي تعزز رفاه أكبر عدد من البشر.

وفي إجابة على السؤال ما هي التنمية المستدامة؟ بيّن الباحث أن الإنسان لديه القدرة على استشراف المستقبل، وتوقع أحداث معينة، واحتياجات معينة منذ مئات الآلاف من السنين، وأن لديه القدرة على توقع الأحداث وحل المشكلات التي تسمح له بالتطور وتكييف سلوكه وأدواته للعيش في الطبيعة.

وأكد الباحث على أن البشرية تعيش الآن على الحاجة الملحة للعمل لمواجهة العديد من التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية، وفي جميع القطاعات وعلى جميع المستويات (الفردية والمنظمات والحكومات، الخ).

ويرى الباحث بالتالي إن العديد من الفاعلين والعاملين في جميع القطاعات يجدون أنفسهم عرضة للخطر بشكل متزايد بسبب الواقع الجديد، وخاصة في إدماج قيمة الكربون في مهنهم، في الوقت الذي يوجد فيه نهج يحترم مبادئ التنمية المستدامة. ومن هنا فإنه من المهم ايجاد برنامج تدريب مهني يفرض نفسه، ويهدف خصيصاً لتلبية هذه الحاجة الملحة لإدارة مستدامة للكربون.

وخلص الباحث إلى أن الأهداف المحددة للبرنامج التدريبي هي لمساعدة المهنيين على:

• التعرف على الأساسيات والمبادئ التي تتحكم بالمناخ وتؤدي إلى التغيرات المناخية، من جهة، والعوامل التي تحكم عمل دورة الكربون، من جهة أخرى؛

• فهم الأساس البيولوجي لدورة الكربون وخصائصها الديناميكية.

• فهم المكونات الرئيسية لدورة الكربون العالمية، كيف تعمل هذه العناصر المختلفة، ما الذي يؤثر على تفاعلاتها وأهميتها النسبية وكيف ترتبط الدورة بالتغيرات المناخية؛

• فهم فكرة دورة حياة مُنتج أو خدمة وتفسير نتائج تحليل دورة الحياة بطريقة نقدية للحصول على أقصى قدر من المعلومات المفيدة لاتخاذ القرار؛

• التعرف على مصادر انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وفهم طرق التحليل القياسية  للمشاريع للحد من الانبعاث، واللوائح المطبقة في كندا واللوائح الدولية وكذلك أساليب وقواعد أسواق الكربون؛

• التعرف على الإجراءات المختلفة الممكنة للتخفيف من التغيرات المناخية من خلال القطاعات المختلفة، وفهم كيف أن بعض هذه الإجراءات تقابل أيضاً بانخفاضات في المصدر؛

• فهم كيفية العمل ومطالبة مختلف القطاعات التخفيف من العوامل التي تسبب في التغيرات المناخية.

• معرفة كيفية قياس تدفقات وأرصدة الكربون في سياق مشاريع الحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وخلق « بالوعات الكربون »، وذلك باستخدام أدوات وأساليب التشخيص، والقياس الكمي، والمساعدة في اتخاذ القرار ووضع السيناريوهات؛

• فهم الخلافات الاجتماعية والبيئية التي تحيط باستخدام قطاعات أنشطة مختلفة كأدوات لتخفيف التغيرات المناخية والتكيف معها.

وبعد انتهاء المحاضرتين طرحت بعض الأسئلة من الحضور تتعلق بهذا الموضوع المهم في الحاضر والمستقبل وقام المحاضران بالإجابة على أغلب التساؤلات.

المصدر: مندوبية ليبيا لدى اليونسكو

Print This Post