اليونسكو وارهاصات التغيير

2013/01/30

تنتظم هذه الأيام الاجتماعات التشاورية بين الدول الأعضاء في اليونسكو والمديرة العامة . فقد عقدت في الآونة الأخيرة الاجتماعات التشاورية التالية :

-         اجتماع تشاوري للمجموعة الخامسة ب (الأفريقية) حضرته المديرة العامة وعدد من أعضاء الادارة العامة للمنظمة عقد بتاريخ 18/1/2013

-         اجتماع تشاوري للمجموعة الثانية (دول أوروبا الشرقية) حضرته المديرة العامة وعدد من أعضاء الادارة العامة للمنظمة عقد بتاريخ 18/1/2013

-         اجتماع تشاوري للمجموعة الثالثة (دول أمريكا اللاتينية والكاريبي )حضرته المديرة العامة وعدد من أعضاء الادارة العامة للمنظمة عقد بتاريخ 22/1/2013

-         اجتماع تشاوري للمجموعة الرابعة (المجموعة الآسيوية) حضرته المديرة العامة وعدد من أعضاء الادارة العامة للمنظمة عقد بتاريخ 30/1/2013

وعقدت المجموعة العربية اجتماعا استثنائيا بتاريخ 28/1/2013 تمهيدا للاجتماع التشاوري الاعلامي للدول الأعضاء في المنظمة المنعقد بتاريخ 29/1/2013 .

تأتي هذه الاجتماعات في إطار المشاورات بين الدول الأعضاء سواء على مستوى المنظمة أو على مستوى المجموعات الإقليمية حول عملية إصلاح المنظمة ، والتغيير الذي ينبغي احداثه في هيكليتها وبرامجها . ويأتي النقاش حول استراتيجية اليونسكو متوسطة المدى وبرنامجها المرحلي في أعلى محاور هذه المشاورات. ويمكن التعرض للبنود الرئيسية لهذه المشاورات في النقاط التالية :

1-      طلب المجلس التنفيذي في دورته السابقة (190) المنعقدة في الفترة 3-18/10/2012 من المديرة العامة (الأجهزة الإدارية والفنية في المنظمة) إلى إجراء التحويرات اللازمة لكل من مشروع استراتيجية اليونسكو متوسطة المدى (2014-2021) وبرنامجها (2014-2017).على أن تنتهي هذه المشاورات قبل انعقاد الدورة (191) القادمة للمجلس التنفيذي المقرر لها الفترة : 10-26/4/2013 وقد أجرت المديرة العامة بعض المشاورات من خلال اجتماعات عقدتها مع بعض المجموعات الإقليمية ولكن لم تسفر هذه المشاورات عن أي نتائج ملموسة بعد. والمجموعة العربية لم تشارك في السابق في هذه المشاورات وتنتظر أن يتم اجتماع خاص مع المديرة العامة في موعد لاحق.

2-      تركز المشاورات التي تجري هذه الأيام  على المواضيع التالية : الشباب ، الإعلام والمعلومات ، المياه ، العلوم. والسؤال قائم حول قطاعين في المنظمة هما :

* قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية ،

*قطاع الإعلام والمعلومات ،

ومدى إمكانية الإبقاء عليهما أو إلغائهما مع الاحتفاظ ببرامج مختارة من بين البرامج التي كانت تنفذ من قبل أي من هاتين القطاعين لتلحق بأي من القطاعات الثلاثة الباقية وهي :

*قطاع التربية والتعليم

*قطاع العلوم الطبيعية

*قطاع الثقافة

أواستحداث هياكل تستوعب بعض الأنشطة الملغاة مثل التفكير في استحداث مركز للحوار بين الثقافات في حالة إلغاء قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية مع ما يكتنف هذا التوجه من ضبابية في دور هذا المركز وعلاقته الإدارية والفنية  بالمنظمة .

3-       ينتاب الغموض بعض المقترحات المطروحة للتشاور حولها مثل : صعوبة تصور الآثار المترتبة على إلغاء قطاع الإعلام والمعلومات . هناك اتجاه نحو الاحتفاظ بالبرامج والمشاريع ذات العلاقة بحرية الصحافة ، سلامة الصحفيين ، حرية الرأي، ويكلف بها قطاع الثقافة . وإحالة البرامج والمشاريع ذات العلاقة بالتربية والتعليم إلى القطاع المختص بذلك في المنظمة. وتحال بقية الأنشطة التي كان يقوم بها قطاع الإعلام والمعلومات إلى منظمات دولية أخرى تستوعبها ، ويبرر أصحاب هذا الرأي بالقول بوجود ازدواجية في العمل بين قطاع الإعلام والمعلومات وقطاع التربية والتعليم من جهة ، وازدواجية بينه وبين قطاع الثقافة وخاصة في جانب الإعلام من جهة أخرى .

4-      إن الدعوة إلى ضرورة التفكير مليا في الإجراءات المطروحة لتغيير وجه اليونسكو مدفوعة بعدم الاقتناع – في الوقت الحاضر- بمدى التأثير الايجابي على ميزانية المنظمة جراء التغييرات المقترحة. وهل الوفر الذي يمكن الحصول عليه نتيجة إلغاء قطاع وبعثرة أنشطته داخل المنظمة أو خارجها يبرر ما تنوي المنظمة القيام به . مع ملاحظة أن الدعوة إلى تعديل هيكلية المنظمة بإلغاء بعض القطاعات سيؤدي حتما إلى إلغاء بعض البرامج والأنشطة . وهل دور اليونسكو كمنظمة فريدة في مهامها واختصاصاتها تتحمل إحداث تغييرات جوهرية في هيكليتها ونشاطها التي تنوي القيام بها في مقبل الأيام دون أن يتأثر دورها أو هويتها.

5-      إن فلسفة أحداث تغيير في المنظمة في هذا الوقت بالذات يطرح عددا من الإشكاليات :

أولا : إن تكليف قطاع العلوم ببعض المهام التي كان يقوم بها قطاع آخر سيؤدي إلى تضخيم قطاع العلوم،وهل المعالجة المقترحة بسحب البرامج المتعلقة بالطاقة البديلة والطاقة المتجددة من هذا القطاع وتركها إلى منظمة التنمية الصناعية UNEDO ستتيح للقطاع المجال للعمل بطريقة أفضل ؟  والإشكالية تكمن في مدى قبول هذه المنظمة بهذا الواجب وإلى ماذا سيؤول إليه الوضع في قطاع العلوم بدون هذا الاختصاص.

ثانيا : إن إحالة بعض اختصاصات قطاع الإعلام والمعلومات واختصاصات قطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية إلى قطاعات أو منظمات أخرى سيؤدي إلى بعثرتها وتعثر برامجها . والإشكالية تكمن في مدى جدوى هذا التغيير وما هو المردود الإيجابي : سواء في الجانب الفني أو الإداري أو المالي وهل ستحصل الدول الأعضاء على نفس المردود السابق في هذه الاختصاصات .

ثالثا : إن الإجراءات الإصلاحية المقترحة في الوقت الحاضر تتزامن مع حدثين هامين في المنظمة وهما :

أ/ عزوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب بعض الدول الأخرى عن تسديد حصتها في ميزانية المنظمة بسبب قبول الأخيرة لفلسطين عضوا بها  ومن ثم ظهرت أزمة مالية للمنظمة نتيجة نقص حاد في ميزانيتها للعامين 2012-2013 .

ب/ إن هذه السنة هي سنة المؤتمر العام وسنة انتخاب مدير عام جديد للمنظمة ، ويترشح لهذا المنصب (ايرينا بوكوفا) المديرة الحالية للمنظمة و(رشاد فرح) مندوب جيبوتي في اليونسكو. والمديرة العامة الحالية للمنظمة تقود عملية الإصلاح فيها .

فإذا ما تأثرت البرامج الإصلاحية بسبب النقص في الموارد المالية ، فماذا إذا غيرت الدول المعنية رأيها واستأنفت  تسديد حصتها في ميزانية المنظمة ؟ هل تعتبر الإجراءات الإصلاحية قيد المشاورة – الآن – هي خيارات استراتيجية للمنظمة أو خيارات مؤقتة وطارئة ؟.

وإذا ما كانت الإجراءات الإصلاحية وخطوات التغيير تقع ضمن برامج الحملة الانتخابة للمديرة العامة للمنظمة ، فماذا سيحدث لها إذا تغيرت رؤية الإدارة الجديدة للمنظمة ؟

رابعا : لقد باشرت إدارة اليونسكو في تسريح بعض موظفيها وإبلاغ البعض الآخر عن قرب انتهاء عمله بالمنظمة مع إيقاف تعيين بدلاء عن المتقاعدين أو المستقيلين ووجود وظائف شاغرة توقف الإعلان عنها ، ويعزى ذلك للتغييرات التي تنتظر المنظمة ، والصعوبات المالية التي تمر بها. فهل هذه الإعفاءات  في المكونات الوظيفية تسير وفق الهيكلية الحالية؟ ومن ثم يبرز التساؤل عن التعيينات السابقة  وعن مبرراتها. وإذا ما كانت هذه الإجراءات وفق الهيكلية المنتظرة. فتكون هذه الإجراءات  قد بدأ العمل بها في إطار الهيكلية المنظرة  قبل اعتمادها . أم أن هذه  الإجراءات توافقية لمواءمة الواقع مع المبتغى ؟.

خامسا : إن التغيير المرتقب ينبغي أن يكون وفق منهجية شاملة ورؤية كاملة لعمل المنظمة وتطورها ، ومن ثم يجب  رسم استراتيجية التغيير بشكل متكامل وواضح بعيدا عن الإجراءات الجزئية المنعزلة التي تفتقد إلى رؤية للهيكل التنظيمي الكامل لليونسكو ومعرفة دورها مستقبلا. وتكوين تصور لما ستكون عليه المنظمة بعد إجراء عملية التغيير.

المصدر : مندوبية ليبيا لدى اليونسكو

Print This Post