اليوم العالمي للشعر: الشعر منبع إلهام

2013/03/29

يوجد في عالم اليوم تعطش لبعض الاحتياجات الجمالية و يمكن للشعر أن يلبي هذه الاحتياجات إذا اعترف بدوره الاجتماعي في مجال التواصل بين البشر، حيث يشكل أداة لإيقاظ الوعي و التعبير عنه. يشهد العالم منذ ثلاثين عاما حركة حقيقية لصالح الشعر       وصارت الأنشطة الشعرية تتكاثر في مختلف الدول الأعضاء و يزداد الشعراء عددا.

وكل هذا يعبر عن حاجة اجتماعية تدفع الشبيبة على الأخص، إلى العودة إلى منابع و تشكل وسيلة يمكنهم بها مواجهة الذات بينما يشهدهم العالم الخارجي إليه بقوة بعيدة عن ذواتهم. كما بات الشاعر يضطلع بدور جديد كإنسان و صار الجمهور يقبل بصورة متزايدة على الأمسيات الشعرية التي يلقي الشعراء فيها قصائدهم بأنفسهم.

و تمثل أيضا هذه الحركة الاجتماعية لاكتشاف القيم المتوارثة، عودة إلى التقاليد الشفوية و قبول الكلمة المنطوقة كعنصر يعزز البعد الاجتماعي لدى الإنسان و يجعله أكثر انسجاما مع نفسه. لا يزال يوجد اتجاه لدى وسائل الاعلام و الجمهور العريض عموما يجنح إلى عدم أخذ المشاعر على محمل الجد، لذلك يصبح من المفيد التحرك للانعتاق من هذا الوضع لكي ينبذ هذا التصور ويأخذ الشعر مكانه الصحيح في المجتمع.

وقد اختار موقع اليونسكو باللغة العربية للنشر بمناسبة اليوم العالمي للشعر (21 مارس)، القصيدة التالية للشاعر الكبير بدر شاكر السياب:

بدر شاكر السياب (1926-1964)

النهر والموت

بويب..بويب

أجراس برج ضاع في قرارة البحر

الماء في الجرار و الغروب في الشجر

و تنضح الجرار أجراسا من المطر

بلورها يذوب في أنين

بويب يا بويب

فيدلهم في دمي حنين

إليك يا بويب

يا نهري الحزين كالمطر

أود لو عدوت في الظلام

أشد قبضتي تحملان شوق عام

في كل إصبع كأني أحمل النّذور

إليك من قمح و من زهور

أود لو أطل من أسرّة التلال

لألمح القمر

يخوض بين ضفتيك يزرع الظلال

و يملأ السّلال

بالماء و الأسماك و الزهر

أود لو أخوض فيك أتبع القمر

و أسمع الحصى يصل منك في القرار

صليل آلاف العصافير على الشجر

أغابة من الدموع أنت أم نهر

و السمك الساهر هل ينام في السّحر

و هذه النجوم هل تظل في انتظار

تطعم بالحرير آلافا من الإبر

و أنت يا بويب

أود لو عرفت فيك ألقط المحار

أشيد منه دار

يضيء فيها خضرة المياه و الشّجر

ما تنضح النجوم و القمر

و أغتدي فيك مع الجزر إلى البحر

فالموت عالم غريب يفتن الصّغار

و بابه الخفي كان فيك يا بويب

بويب .. يابويب

عشرون قد مضين كالدّهور كل عام

و اليوم حين يطبق الظلام

و أستقرّ في السرير دون أن أنام

و أرهف الضمير دوحة إلى السّحر

مرهفة الغصون و الطيور و الثمر

أحسّ بالدّماء و الدموع كالمطر

ينضحهنّ العالم الحزين

أجراس موتى في عروقي ترعش الرنين

فيدلهم في دمي حنين

إلى رصاصة يشق ثلجها الزّؤام

أعماق صدري كالجحيم يشعل العظام

أود لو عدوت أعضد المكافحين

أشدّ قبضتيّ ثم اصفع القدر

أود لو غرقت في دمي إلى القرار

لأحمل العبء مع البشر

و أبعث الحياة إن موتى انتصار

المصدر: اليونسكو

رابط لتقرير أعدته المندوبية حول الموضوع نشر في موقعها بتاريخ 21/3/2013

Print This Post