اليوم الدولي للقضاء على الفقر

2013/10/17

يرجع تاريخ الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى يوم 17 أكتوبر من عام 1987. ففي ذلك اليوم اجتمع ما يزيد على مائة ألف شخص تكريما لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وذلك في ساحة تروكاديرو بباريس، التي وقِّع بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948. وقد أعلنوا أن الفقر يُشكل انتهاكا لحقوق الإنسان وأكدوا الحاجة إلى التضافر بغية كفالة احترام تلك الحقوق. وقد نُقشت تلك الآراء على النصب التذكاري الذي رُفع عنه الستار ذلك اليوم. ومنذئذ، يتجمع كل عام في السابع عشر من أكتوبر أفراد من شتى المشارب والمعتقدات والأصول الاجتماعية لإعلان التزامهم من جديد إزاء الفقراء والإعراب عن تضامنهم معهم. وقد رفع الستار عن نماذج للنصب التذكاري في شتى أرجاء العالم، حيث تمثل تلك النماذج نقطة تجمع للاحتفال بذلك اليوم. وهناك واحد من تلك النماذج في حديقة مقر الأمم المتحدة وهو موقع الاحتفال السنوي بهذه الذكرى الذي تنظمه الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وبقرارها المؤرخ في 22 ديسمبر 1992، أعلنت الجمعية العامة السابع عشر من أكتوبر اليوم الدولي للقضاء على الفقر ودعت الدول إلى تخصيص ذلك اليوم للاضطلاع، حسب الاقتضاء على الصعيد الوطني، بأنشطة محددة في مجال القضاء على الفقر والعوز وللترويج لتلك الأنشطة. ودعا كذلك القرار المنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية إلى مساعدة الدول على تنظيم أنشطة وطنية احتفالا باليوم، لدى طلبها ذلك، وطلب إلى الأمين العام أن يتخذ ما يلزم من تدابير، في حدود الموارد المتاحة، لضمان نجاح احتفال الأمم المتحدة باليوم الدولي للقضاء على الفقر. ومنذ عام 1993 والعالم يحتفل بهذا اليوم بمقتضى القرار الدولي بالخصوص.

ولما كان اختيار يوم 17 أكتوبر يوما ً دولياً للقضاء على الفقر في الأساس تواصلاً مع ما كانت تقوم به المنظمات غير الحكومية من أجل القضاء على الفقر. فأن الأنظار تتوجه هذا العام الى هذه المنظمات ومعها المنظمات الحكومية والدولية للاضطلاع بالأنشطة المتعلقة بهذا اليوم والتعاون مع جميع الدول في تكريس اليوم للقيام بالأنشطة حسب ما يكون مناسباً في السياق الوطني في مجال القضاء على الفقر والعوز, والاعلام بتلك الأنشطة وتقدير الجهود المبذولة في ذات المجال.

كما لا ينبغي أن لا تفوت الفرصة على المنظمات والحكومات لإجراء المراجعات وتقويم البرامج التي من شأنها أن تساعد في تنظيم الأنشطة الوطنية من أجل تحقيق غايات هذا اليوم في توفير حياة كريمة لجميع الناس. وزيادة الوعي بالوسائل الكفيلة بالقضاء على الفقر والعوز وابراز الحاجة الى مكافحة الفقر في كافة البلدان. وتظل مكافحة الفقر احدى أساسيات جدول أعمال الأمم المتحدة الانمائي في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن الألفية المنعقدة في سبتمبر 2000. الذي التزم فيه زعماء الدول بتخفيض عدد اللذين يعيشون في فقر مدقع ـ يعيشون على أقل من 1.25 دولار يومياً ـ الى  النصف بحلول عام 2015.

إن السابع عشر من أكتوبر يمثل فرصة للإقرار بجهد ونضال من يعيشون في الفقر وتهيئة السبيل أمامهم للإعراب عن شواغلهم، ولحظة سانحة للإقرار بأن الفقراء هم من يقفون في مقدمة صفوف مكافحة الفقر. إن مشاركة الفقراء أنفسهم ظلت محور الاحتفال بذلك اليوم منذ بدايته. ويتجلى أيضا في إحياء ذكرى يوم السابع عشر من أكتوبر رغبة الفقراء في الاستفادة مما لديهم من خبرات كمساهمة منهم في القضاء على الفقر.

وعلى الرغم من المكاسب الهامة التي حققت مؤخرا لم تزل هناك ثغرات حرجة، مما يجعل من يوم 17 أكتوبر فرصة مهمة للاعتراف بجهود الفقراء ونضالهم، ويجعل منه أيضا فرصة للناس لإسماع العالم شواغلهم. من هنا كان اختيار شعار ’’القضاء على الفقر المدقع: تعزيز التمكين وبناء السلام‘‘ شعارا لاحتفالية عام 2012. على أمل أن يساعد على تدشين حوار مستمر بشأن السلام والتنمية. ويبقى لنا ـ في هذا العام ـ مراجعة وتقويم هذه الجهود والانطلاق الى مزيد من العمل من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة من برامج القضاء على الفقر مستندين في ذلك على خطط وبرامج عقد الأمم المتحدة للقضاء على الفقر 2008ـ2017.

يديم الفقر المدقع دوامة العنف والتمييز التي تهمش غالبا حقوق الإنسان للمرأة والطفل الفقراء. كما أنه يدمر حياة الناس وأرواحهم؛ فتقتل من الأطفال والشباب والبالغين أكثر مما تقتل الحروب. ففي كل يوم، يواجه من يعيشون في فقر مدقع تحديات عدة وتتهددهم مخاطر نقص الغذاء والمأوى والحصول على الخدمات الضرورية. وهو ما يضطرهم إلى تحمل ظروف عمل خطرة، والحياة في بيئات معيشية خطرة ومتدهورة ومتردية.

بالإضافة إلى ذلك تدعو الأمم المتحدة وشركاؤها الجميع لمشاركتهما من خلال وسائط الإعلام الاجتماعي، من خلال تويتر باستخدام الوسم إنهاء_الفقر، لرفع الوعي بمكافحة الفقر والحاجة إلى تسريع العمل من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015.

أهداف القضاء على الفقر المدقع والجوع:

تحددت غايات القضاء على الفقر المدقع والجوع في الأهداف الثلاثة التالية:

1) ‏ تخفيض نسبة السكان الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار وربع في عام 1990 إلى النصف بحلول عام 2015‏

وتحقق في اطار هذا الهدف  ما يلي:

  • خفضت معدلات الفقر المدقع إلى النصف قبل خمس سنوات من الموعد النهائي عام 2015.
  • قل عدد الفقراء بـ700 مليون فرد في عام 2010 عما كان عليه في عام 1990. ومع ذلك، لم يزل 1.2 مليار نسمة يعيشون في فقر مدقع

2)‏ توفير العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع، بمن فيهم ‏النساء والشباب

وتحقق في اطار هذا الهدف ما يلي:

  • وعلى الصعيد العالمي، عاش 384 مليون عامل على أقل من 1.25 دولار في اليوم والذي يمثل خط الفقر في عام 2011، وهو ما يمثل انخفاضا بمعدل 294 مليون شخص منذ عام 2001.
  • الفجوة بين الجنسين في مجال العمل لا تزال قائمة ينسبة 24.8 نقطة في المائة بين الرجال والنساء من نسبة العمالة إلى عدد السكان في عام 2012.

3) تخفيض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع في عام 1990 إلى النصف بحلول عام 2015‏

وبرصد الأعمال المنجزة لتحقيق هذا الهدف يلاحظ ما يلي:

  • هدف الحد من الجوع في متناول اليد بحلول عام 2015.
  • يقدر أن حوالي 870 مليون شخص يعانون من نقص التغذية على الصعيد العالمي.
  • أكثر من 100 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية ونقص الوزن.

رسالة بالمناسبة:

أصدر الأمين العام للأمم المتحدة السنة الماضية رسالة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر نذكر منها بعض المقتطفات التي لا زالت تعبر عن هذه المناسبة حتى الآن.

  • إن الفقر سهلٌ شجبُه صعب مكافحتُه. وما يحتاجه الذين يقاسون ويلات الجوع والعوز والمهانة هو أكثر من مجرد كلمات متعاطفة، إنهم يحتاجون إلى دعم ملموس.
  • أن الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر يأتي في وقت تعيش فيه بلدان عديدة حالة تقشف اقتصادي. وأصبح الخطر يتهدد تمويل تدابير مكافحة الفقر في سياق كفاح الحكومات لتحقيق التوازن في ميزانياتها. على أن وقتنا هذا هو ذات الوقت الذي يلزم فيه تزويد الفقراء بإمكانية الاستفادة من الخدمات الاجتماعية والدخول المؤمَّنة والعمل اللائق والحماية الاجتماعية. فعند ذاك فقط نستطيع أن نبني مجتمعات أقوى وأكثر ازدهارا، وليس بأن نحقق التوازن في الميزانيات على حساب الفقراء.
  • لقد أذكت الأهداف الإنمائية للألفية جذوة العمل العالمي الذي أحدث قدرا كبيرا من التقدم. فقد خفَّضنا الفقر المدقع إلى النصف وصححنا انعدام التوازن بين الجنسين في مراحل التعليم الأولى، إذ أصبحت أعداد البنات بالمدارس الابتدائية حاليا أكثر من أعداد البنين. وأصبح ماء الشرب النظيف في متناول مجتمعات أكثر عددا بكثير. وأُنقذت الملايين من الأرواح بفضل الاستثمار في الصحة.
  • إن هذه المكاسب تمثل تقدما رئيسيا في سبيل الوصول إلى عالم أكثر إنصافا وازدهارا واستدامة. ولكن هناك أكثر من مليار شخص ما برحوا يعيشون في فقر ويُحرمون من حقوقهم في الغذاء والتعليم والرعاية الصحية. وعلينا أن نمكِّنهم من مساعدتنا على إيجاد حلول مستدامة لهذه المشاكل. كما ينبغي لنا ألا ندخر وسعا في ضمان أن تحقق كافة البلدان الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015.
  • ولقد أعلن قادة من جميع أنحاء العالم، في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، الذي عقد في يونيو 2012 ، أن القضاء على الفقر هو ”أعظم التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن“.
  • اننا الآن في مرحلة وضع إطار إنمائي للأمم المتحدة للفترة التالية لعام 2015، مستندين في ذلك إلى الأهداف الإنمائية للألفية ومستهدفين مواجهة ضروب التفاوت المستحكمة والتحديات الجديدة التي تواجه الناس والكرة الأرضية. وهدفنا هو الخروج بإطار جسور وطموح يمكن أن يدعم إحداث تغييرات جذرية تعود بالفائدة على سكان الحاضر وعلى أجيال مقبلة.
  • إن الفقر المستشري، الذي ظل يتفشى لآجال مديدة جدا، مرتبط بالقلاقل الاجتماعية وبالتهديدات المحدقة بالسلام والأمن. فهيَّا بنا، في هذا اليوم الدولي، نستثمر في مستقبلنا المشترك بأن نساعد على انتشال الناس من براثن الفقر حتى يستطيعوا بدورهم أن يساعدوا في إحداث تحول في هذا العالم.

المصدر: مندوبية ليبيا استناداً لما صدر عن اليونسكو

Print This Post