المنتدى العالمي السادس للعلوم

2013/12/13

تأسس المنتدى العالمي للعلوم في المؤتمر الدولي للعلوم الذي انعقد بمدينة بودابست/ المجر في عام 1999، والتأم – المنتدى – بعدئذ في دورات منتظمة كل عامين في السنوات الفردية بالتزامن مع الايام العالمية للعلوم في تلك السنوات.  واحتضنت (بودابست) الدورات السابقة للمنتدى حتى عام 2011. ونظمت الأكاديمية المجرية للعلوم بالتعاون مع اليونسكو مع هيئات ومنظمات اخرى تلك الدورات للمنتدى العالمي للعلوم. وداب المنتدى على حشد العلماء واصحاب القرار في السياسة والصناعة والاقتصاد بالإضافة الى ممثلين عن المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية وتهيأ لكل أولئك بفعل المنتدى المناخ المناسب لمناقشة القضايا   والتحديات العلمية الملحة. وقد ادت تلك الفاعليات الى الاسهام في تحليل هذه القصايا ورسم طرق علمية لمواجهة تلك التحديات.

انعقد المنتدى في نسخته السادسة بمدينة (ريو دي جانيرو) بالبرازيل في الفترة من 24 الى 27 نوفمبر2013. وبهذا كان انعقاد المنتدى هذا العام بالبرازيل بعيداً عن موطن نشأته في بودابيست/ المجر اشارة الى التوجه نحو التوسع والتغيير ليس فقط في الجانب الشكلي والجغرافي ولكن ايضاً في الجانب الاجرائي والبحثي. فإن انتقال المنتدى من اوروبا الى امريكا اللاتينية اتاح فرصة اكبر للاستفادة من المساهمات والانجازات التي حققتها المؤسسات العلمية في تلك القارة، ولتحظى تلك المساهمات والانجازات بالاهتمام والتقدير من قبل المؤسسات العلمية العالمية. وايضاً نشر المنتدى وتعميق تأثيره في مناطق مختلفة من العالم.

اشترك في دعم وانعقاد هذا المنتدى كل من:

  • الاكاديمية البرازيلية للعلوم
  • منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)
  • الاكاديمية المجرية للعلوم
  • المجلس الدولي للعلوم

بالإضافة الى هيئات ومؤسسات علمية اخرى

افتتاح المنتدى:

افتتح المنتدى العالمي السادس للعلوم في 24 نوفمبر 2013 بالمسرح الرئيسي لمدينة (ريو دي جانيرو) في ضيافة الاكاديمية البرازيلية للعلوم وبمشاركة كل من: اليونسكو والاكاديمية المجرية للعلوم والمجلس الدولي للعلوم والمؤسسة الأمريكية للتقدم العلمي. والقيت في الافتتاح كلمات من قبل كل من:

  • نائب رئيس جمهورية البرازيل
  • المديرة العامة لليونسكو
  • رئيس الاكاديمية البرازيلية للعلوم
  • رئيس الاكاديمية المجرية للعلوم
  • رئيس المجلس الدولي للعلوم

كما وجه رئيس المجر كلمة مسجلة الى المشاركين في المنتدى عرضت في جلسة الافتتاح.

تناولت كلمات الافتتاح موضوع: العلوم من اجل تنمية عالمية مستدامة، باعتباره  المحور الرئيسي للمنتدى في طبعته السادسة. وانطلاقه – أي المنتدى – من الحوار العالمي القائم منذ انعقاد المؤتمر الدولي للعلوم (بودابيست 1999) حول فهم افضل وتقدير اعمق للدور الجديد والتحدي الصعب الذي يواجه المعرفة العلمية في المجتمعات التي تواكب العولمة في الوقت الحاضر. كما تمت الاشارة الى ان هذا المنتدى هو المنتدى الوحيد الذي انتظم فيه الحوار بين العلماء، والنخب المثقفة في المجتمعات المعاصرة والسياسيين حول دور العلوم ومكانة الاخلاق في التعامل مع المناخ والظروف الاقتصادية في ظل تأثير الاكتشافات العلمية على الجوانب الاجتماعية والثقافية.

شارك في هذا المنتدى اكثر من خمسمائة من العلماء واصحاب القرار في عالم السياسة والاقتصاد، بالإضافة الى ممثلين عن مؤسسات اكاديمية وبحثية وهيئات غير حكومية ومنظمات شبابية واعلامية وعناصر من القطاع الخاص من اكثر من مائة دولة، كلهم اجتمعوا في هذا المنتدى المتميز من اجل المزيد من الاثراء للحوار بين التجمعات العلمية والمجتمعات المتعولمة بهدف تحليل الواقع ومواجهة التحديات وبناء مستقبل للبشرية يتأسس بشكل علمي على العدل والمساواة والاخلاق.

لقد تعرضت كلمات الافتتاح الى جدول اعمال مؤتمر القمة العالمي (ريو+20) المنعقد في يونيو 2012 حول التنمية المستدامة كمصدر الهام للمشاركين في المنتدى عند تناول الاهداف والوظائف التي تحيط بالمسؤولية   المترتبة على الاختراقات العلمية مع اهمية التركيز على القضايا التي تعتبر ذات اهمية قصوى ومتعلقة بطريقة مباشرة بموضوع المنتدى مثل:

  • اعاقة الاستقرار العالمي واستدامته بسبب التمييز وعدم المساواة
  • السياسة العلمية والحوكمة
  • المسؤولية العلمية
  • العلوم والموارد الطبيعية
  • تعليم الهندسية والعلوم
  • الوظائف الرئيسية للعلوم

لقد اكد المتحدثون في جلسة الافتتاح على أهمية الاسترشاد وبنتائج المؤتمر الدولي للعلوم المنعقد في عام 1999، وجدوى الاخذ بعين الاعتبار ببيان (بودابست 2011) الصادر عن المنتدى الخامس حول العصر الجديد للعلم في عالم متعولم، مع الدعوة الى تعميق الحوار في هذا المنتدى من اجل التوصل الى نتائج تخدم التنمية العالمية المستدامة ولتظهر -هذه النتائج- في صورة بيان يصدر عن هذا المنتدى.

وانسجاما مع التوصيات التي اقرتها القمة العالمية (ريو+20) والتي وردت في وثيقة  (المستقبل الذي نريد) المصادق عليها من لدن رؤساء الدول والحكومات في البرازيل والتي تضمنت: « القضاء على الفقر هو اكبر تحدي يواجه العالم اليوم، وهو مطلب لا غنى عنه للتنمية المستدامة ». بهذا التوجه توقع عدد من المتحدثين في الافتتاح أن يعمل المشاركون على تحرير الانسان من الفقر والجوع على سبيل الاستعجال، ويجددوا التزامهم بالتنمية العالمية المستدامة والمضي قدماً في النقاش والحوار حول اهداف التنمية العالمية المستدامة وحول جدول اعمال التنمية لما بعد عام 2015.

وفي كلمتها في جلسة افتتاح المنتدى لاحظت المديرة العامة لليونسكو ان المنتدى ينعقد في وقت تتسارع فيه الدول نحو تحقيقي الاهداف الالفية للتنمية، واهداف التعليم للجميع لقرب حلول عام 2015 الموعد المحدد لتحقيق تلك الاهداف. وسيجد المجتمع الدولي نفسه انه في حاجة الى برمجة أجل أخر لتحقيق شامل وكامل لتلك الاهداف مع ضرورة اجراء التحويرات اللازمة عليها. بيد أن المجتمع الدولي اليوم يعمل على صياغة جدول اعمال جديد للتنمية المستدامة، والذي ينبغي ان يسعى لمضاعفه التنمية، واجتياز مراحل تأكيد الاستقرار والاستدامة. وفي هذا المسعى تظهر اهمية العلوم البحثية والتطبيقية جنبا الى جنب مع الدبلوماسية العلمية.

وجاء في كلمة المديرة العامة لليونسكو ايضاً أن « تغيير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وتلوث المياه ينبغي ان لا تبقى خارج الحدود الوطنية »، وذللت على ذلك بأن الانسانية جميعها تشترك في الغايات والاهداف العامة، الامر الذي يدعو الى تكاثف الجهود بعزيمة واحدة وعمل مشترك يهدف الى صنع المستقبل الذي نريده جميعا ». واكدت المديرة العامة على الحاجة الى منهجية جديدة في التفكير حول القضايا المتعلقة بالعلوم، ودعت الى العمل والمشاركة في انتاج وتوزيع المعرفة والمبتكرات.

ان معطيات العولمة، والحاجة المتراكمة الى تكامل اكثر في العلوم، والتوجهات الى تتبنى مجالات في التعليم والبحث العلمي متعددة التخصصات ذات الطبيعة التركيبية والمتنوعة، كل ذلك يدفع الى تحديد مدى اوسع للعلوم، واستيعاب المعرفة التقليدية والانطلاق منها الى المتطورة والمتداخلة مع المسارات والطرق العلمية الاخرى، بما في ذلك العلوم الاجتماعية والانسانية. ان الموقف الاكاديمي والبحثي المواكب للتطور والعولمة يملي ضرورة ربط فروع العلوم ببعضها، وجعلها تنسجم مع السياسات التي تستجيب لاحتياجات المجتمع الدولي وتطلعاته، وهذه التوجهات هي الباعث لإنشاء مجلس استشاري علمي يتخذ من مقر اليونسكو مكاناً لأعماله ونشاطاته.

ان انعقاد المنتدى في نسخته السادسة بالبرازيل جعله ينتقل من (بودابست) الى (ريو دي جانيرو). ولما كان من المقرر ان يعود الى (بودابست) في عام 2015. فقد تم الاعلان اثناء الافتتاح ان المنتدى عام 2017 ستستضيفه المملكة  الاردنية الهاشمية.

بعد الافتتاح قامت المديرة العامة لليونسكو صحبة وزيرة التعليم في سلطنة عمان بمنح جائزة اليونسكو/ السلطان قابوس في مجال المحافظة على البيئة لعام 2013, والتي كانت مناصفة بين ادارة الغابة الوطنية ببولندا و مصلحة حماية الحيوانات البرية بجنوب افريقيا. وتجدر الاشارة الى ان جائزة اليونسكو/ السلطان قابوس في مجال المحافظة على البيئة تمنح للمساهمات المتميزة للأفراد او المجموعات او المؤسسات او المنظمات في  مجال المحافظة على البيئة وحمايتها. وتمويلها يأتي من تبرع السلطان قابوس.

كما منحت المديرة العامة لليونسكو جائزة اليونسكو/ كالينجا لتنشيط العلوم للأستاذ/ اكسنجال لي من الصين. هذه الجائزة هي اقدم جائزة تمنح في مجال العلوم في اليونسكو، فقد انشئت في عام 1951، وتتولى تمويلها الان حكومة الهند.

تنظيم المنتدى:

انعقد المنتدى في أربعة أيام خصص اليوم الأول (الأحد 24 نوفمبر) للافتتاح وتوزيع جائزتين علميتين من جوائز اليونسكو، واقامة احتفالية بالمناسبة. وبدأت الجلسات العامة وحلقات النقاش في اليوم الثاني (الاثنين 25 نوفمبر) حيث عقدت ثلاث جلسات عامة تناول المشاركون في الجلسة الأولى موضوع: التمييز وعدم المساواة كعائق في طريق الاستقرار العالمي والاستدامة. واهتموا في الجلسة الثانية بالسياسات العلمية والحوكمة والاعداد للمستقبل. أما الجلسة الثالثة فكان التركيز فيها على المسؤولية العلمية. كما خصصت جلسة لعرض التقرير العالمي للعلوم الاجتماعية لعام 2013. وجرى تقسيم الفترة المسائية في ذلك اليوم الى فترتين عقدت أثنائهما حلقات نقاش متوازية بواقع ثلاث حلقات نقاش في كل فترة؛ تناولت الحلقات الثلاثة الأولى المواضيع الثلاثة التالية (بواقع موضوع لكل حلقة):

ـ التنوع البيولوجي والتنمية المستدامة؛

ـ التحديات الطبية لكبار السن؛

ـ الدبلوماسية العلمية.

وتناولت الحلقات الثلاث الثانية المواضيع الثلاثة التالية:

  • استدامة الغابات النباتية؛
  • تطبيق علوم البحار والمحيطات والمعلومات المتعلقة بما يعود بالفائدة على المجتمع الدولي؛
  • دور التعليم العالي في إيجاد القيمة الحرجة للاستقرار العالمي واستدامته.

وفي اليوم الثالث (الثلاثاء 26 نوفمبر) توالت الجلسات العامة وحلقات النقاش. فانعقدت ثلاث جلسات عامة تناولت على الترتيب المحاور التالية:

ـ العلوم والموارد الطبيعية؛

ـ العلوم وتعليم الهندسة؛

ـ الدور الرئيسي للعلوم في الابتكار؛

تخللت هذه الجلسات ثلاث جلسات خاصة؛ الأولى للتعريف بالمنتدى العالمي للإبداع والثانية للحوار حول تعاون جنوب ـ جنوب؛ التكنولوجيا والابتكار لدول الجنوب. والثالثة كانت حول التحدي الملازم لتقوية القدرات في صياغة ورصد وتقويم السياسات الوطنية المتعلقة باستخدام الأراضي والبيئة.

وفي مساء ذلك اليوم انعقدت ثلاث حلقات نقاش متوازية؛ تحاور فيها المشاركون حول ثلاثة مواضيع رئيسية هي:

ـ الأمن والتعاون المائي؛

ـ دور العلماء الشباب والمبدعين في استدامة العلوم للأجيال القادمة؛

ـ العلوم والتكنولوجيا في الحد من مخاطر الكوارث.

- بالإضافة الى حلقة خاصة حول العلاقة بين العلوم الصحية والسياسة والأعمال التجارية.

تبعتها ثلاث حلقات نقاش متوازية أخرى تناولت بالتحليل المواضيع التالية:

ـ الطاقة الحيوية (الوقود الحيوي)

ـ العمل الأكاديمي والتميز

ـ التحديات والفرص في المجالات العلمية متعددة ومتنوعة التخصصات من أجل استدامة مستقبل الأرض.

تفرغ المنتدى في اليوم الرابع (الأربعاء 27 نوفمبر) لعقد جلستين عامتين؛ الأولى تشاورية لحوصلة النتائج، والثانية لتقديم البيان الختامي للمنتدى.

المبادئ التي أقرها المنتدى:

أقر المنتدى في اليوم الرابع لانعقاده ستة مبادئ ضمنها البيان الصادر عنه وهي:

1ـ التنمية العالمية المستدامة، وتوظيف البيئة، والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للاستقرار والاستدامة بالإضافة الى الحاجة الى مواجهة تحديات النمو المعقد، كل ذلك يتطلب جهوداً مكثفة من قبل مؤسسات البحث العلمي. ويتطلب ايضا اجراء مقاربات متعددة ومتداخلة في المجالات البحثية. كما أن النمو السكاني، وتغيير المناخ، والطلب على الغذاء، والحاجة الى الطاقة، ونقص المياه، واعادة تموضع ونمو المجتمعات الحضرية، ونتائج الكوارث الطبيعية والتكنولوجيا، وعدم المساواة الاجتماعية والفقر؛ كل ذلك يحتم إنشاء مؤسسات علمية عالمية تقوم بوظائف جديدة تستهدف التكامل بين منظومات المعرفة.

2ـ الانجازات العلمية متوفرة ويمكن الاستفادة منها في الموارد الطبيعية، ومصادر الماء والغذاء، ورأس المال الاقتصادي والبشري والرعاية الصحية والتعليم والبيئة، والبنية الأساسية للبحث العلمي، وبيد ان وفرة هذه الانجازات العلمية يصاحبها التباين في الوصول اليها والقصور في الاستفادة من مصادرها (مصادر المعرفة). وهذا الوضع يحتاج الى أعادة التفكير في طرق ووسائل الاستفادة العلمية والتعاون في المجال البحثي. ومن تم فإن تشكيل وبناء المستقبل الذي نريد يحتاج الى مداخلات ومعالجات واعدة في السياسات العلمية واجراءات صنع القرار والتي هي نفسها تتطلب دعماً بأفضل الوسائل والنتائج العلمية المتاحة. وهذا يتطلب بناء اطار جديد للتنمية يستند على المشاركة والاندماج بين امكانيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية على المستوى الاقليمي والمحافظة على طبيعة وثقافة المجتمع الدولي بكل مكوناته وفصائله.

3ـ أن الأزمة الاقتصادية العالمية القائمة منذ سنة 2008، أوجدت وضعاً دفع بالسياسات العلمية الوطنية الى اجراء مراجعة شاملة أدت بالعديد من الدول الى تخفيض ميزانية البحث العلمي، بينما جعلت دولاً أخرى تعمل على زيادة دعم ميزانية العلوم والهندسة من أجل استقطاب النشاط العلمي المبدع، والذي هو حتى من الناحية التاريخية أدى الى اختراق تكنولوجي من خلال أحداث دورات وسياقات جديدة للتنمية ساهمت في إثراء منظومات العلوم والتكنولوجيا والابداع سواء على المستوى الوطني أو الاقليمي.

4ـ تسارع « اقتصاديات المعرفة » أدى الى مضاعفة هجرة العقول وزيادة في الحركة العلمية والتكنولوجية، وهذا بدوره يفرض تعزيز التعاون بين الجامعات ومؤسسات البحث العلمي وليتفاعل مع النشاط الصناعي الذي أصبح ضاغطاً على التعليم؛ سواء في المستوى الجامعي أو العالمي، وعلى برامج تدريب العلماء بهدف إيجاد فرص جديدة للعلماء الشباب.

5ـ العلماء بشكل فردي أو تضامني مسؤولين أخلاقياً على التقدم العلمي، وتمكين المجتمع من الاستفادة من نتائجه. أن التطورات الحديثة في العديد من مجالات البحث العلمي (مثل: الجينات، التقنيات الحيوية، الفيزياء النووية …) لها مضامين وجدانية وأخلاقية ملحوظة. وتتطلب بشكل ملح حواراً عالمياً بين العلماء وقطاع واسع من المجتمع. أن مراقبة ورصد نتائج البحث العلمي الواعد والمقترح والمنظور من قبل العلماء والنخب المثقفة في المجتمع بما في ذلك علماء الاجتماع والاقتصاد سيعمل على الاستخدام للنتائج والاكتشافات العلمية بأمانة ناضجة وموضوعية مجردة ومصداقية شفافة ومسؤولية حكيمة تجنب المجتمعات النتائج السلبية للإنجازات المرتقبة من البحث العلمي.

6ـ زيادة الحساسية في المنافسة  على الموارد الطبيعية استناداً على المهارات والتقنيات عالية الكفاءة، ومصادر المعلومات الاستراتيجية، والبنية الأساسية العميقة للبحث العلمي تؤسس لصراع سياسي واقتصادي حول العالم. والمطلوب ابتكار نمط وأسلوب جديد للمعالجة يعتمد على براهين علمية وارتباطات موضوعية. وفي هذه الظروف تستمر الدبلوماسية العلمية تعمل للتوصل الى الترابط في العلاقات الدولية، وخاصة في ادارة الازمات، وفي انشاء آلية للتعاون من أجل السلام بين الدول وذلك عندما تعجز السياسة التقليدية والعلاقات الدبلوماسية المعتادة عن القيام بدورها. أن الاستخدام الاحادي الجانب للموارد الطبيعية للكرة الأرضية ينبغي أن يندمج في استراتيجية تنموية شاملة. وهذا لن يتأتى بدون تدخل فاعل من العلوم.

التوصيات:

انتهى المشاركون في المنتدى الى التوافق حول التوصيات التالية:

1)   التعاون العلمي الدولي وتنسيق الأنشطة الوطنية من أجل تنمية عالمية مستدامة: أن تعقد منظومة المناخ الدولية، وارتباط النمو الاقتصادي بالنمو الاجتماعي والتنمية المستدامة يمكن معالجتهم والتوفيق بينهم فقط عندما تكون الجهود الدولية في تناسق وانسجام مع والجهود الوطنية. أن التنسيق الدولي والمبادئ المشتركة بين المجتمعات في حاجة الى تجانس الاستراتيجية الوطنية للعلوم مع المشاريع البحثية بحيث تركز على قضايا تستهدف الاستدامة العالمية. الأنشطة التنسيقية ينبغي أن تراعي المتطلبات الاقليمية والتباين في الامكانيات الوطنية الحالية. بيد أن تحديات العولمة توفر فرصة لا مثيل لها للتعاون البحثي المتعادل والمتوازن.

أن التباين الحاد في الموارد الطبيعية، والمهارات عالية الكفاءة، ومصادر المعلومات الاستراتيجية، والبنية الأساسية للبحث العلمي يحول دون أحداث تعاون مثمر، ويؤسس لتوتر سياسي واجتماعي واقتصادي. لذلك فإن خطة العمل لتعزيز الاستقرار والاستدامة ينبغي أن تهدف الى تحفيض التباين حول العالم، مع إيلاء اهتمام أكثر للتعليم والبنية الأساسية للبحث العلمي، واتاحة السبل للاستفادة من مصادر المعلومات الاستراتيجية.

2)   التعليم من أجل تخفيض التميز، وتعزيز عولمة واستدامة العلم والابداع:

لتوفير جودة عالية في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة، ينبغي أن يكون مفهوماً بأن التكنولوجيا والهندسة أولوية في التعليم الأساسي، وكعنصر لا غنى عنه للثقافة الحديثة، ومكون ضروري -فيما بعد- لإمكانيات البلد لتتكامل مع الاقتصاد العالمي. أن الحكومات في حاجة الى أن تستوعب أن الاستثمار القوي يكون في التعليم، والتغيرات الجوهرية في تعليم العلوم لها انعكاسات على الاندماج الاجتماعي، والمواطنة الفاعلة، وبناء مستقبل مستقر للكرة الأرضية, اذ أن الاستقرار العالمي يحتاج الى تلاحم جميع أعضاء المجتمع، وخاصة إدماج عدد أكثر من النساء في العلوم.

ومن هنا يجب تشجيع مدخلات ومعالجات التخصصات المتعددة والمتنوعة في التعليم العالي بهدف مواجهة الاحتياجات المركبة للمجتمعات الصاعدة، والصناعات الواعدة. أننا في هذه المرحلة التي نلاحظ فيها استمرارية ازدياد تدفق الطلبة والباحثين يصبح التعاون الدولي ضرورياً للإيفاء بالاحتياجات وتوفير المهارات عالية الكفاءة الداعمة للرأس المال البشري للأجيال القادمة.

3)   المسؤوليات والأخلاقيات في إجراء البحوث العلمية والابداع؛

أن البناء العلمي في عصر عولمة العلوم يحتاج الى مداومة امعان النظر في الذات واجراء التقويم المناسب لمسؤولياته وقواعده المسخرة لبحوثه وابداعاته. أن المجتمع الدولي مدعو للاشتراك في نمط عالمي يتبنى من خلاله؛ منظومة القيم والحقوق والحريات والمسؤوليات للباحثين والعلميين من جهة والقواعد العالمية المنظمة للبحث العلمي من جهة اخرى. أن هذه القواعد والسياسات يجب احترامها من قبل الدول، واعتمادها والمصادقة عليها من قبلها وادخالها ضمن منظومتها القانونية الوطنية. مع ضرورة الالتزام بتقوية مسؤوليات العلماء سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي تجاه حاضر ومستقبل المجتمعات، وذلك من أجل تجنب الأذى المتوقع بسبب الجهل أو سوء التقدير لما يترتب على اكتشافات جديدة وتطبيقات النتائج العلمية المرتقبة.

أنه من مسؤولية العلماء والمستخدمين للعلم على حد سواء الابقاء على فاعلية واهتمامات المجتمع في مجال العلوم، وتنفيذ الخطة الاقتصادية قصيرة المدى وجذب الانشغالات السياسية في اختيار وتطبيق مشاريع تنمية البحث العلمي، والابداع بواسطة الحكومات والصناعات الخاصة. ولا يغيب عن الذهن أن الاندماج الاجتماعي هو مفتاح التنمية المستدامة وهو عامل أخلاقي واستراتيجي للبحث العلمي والتكنولوجيا والابداع.

4)   تطوير الحوار مع الحكومات والنخب في المجتمع والهيئات الصناعية و وسائل الاعلام حول قصايا الاستقرار    والاستدامة.

من اجل تحقيق الاهداف الالفية للتنمية يكون من الاهمية بمكان ادماج المجتمعات، وتقوية المشاركة في المعرفة والحوار وتقويم الظروف والاتجاهات والقيم المتعلقة بعدم الاستقرار العالمي في مجال الاستهلاك. أنه من مسؤولية متعاطي السياسة تحفيز شركاء جدد واتجاهات ايجابية نحو استخدام مستقر ومسؤول لموارد الارض.

ان اعضاء المجتمع العلمي واصحاب القرار السياسي مدعوون لتنمية طرق جديدة للإنتاج الصناعي بحين تحقق الاهداف الاقتصادية وفي ذات الوقت يتجنب الاستغلال المفرط للموارد.

من المحتم اشراك الاعلام في نشر المعرفة العلمية والقرارات السياسية ذات العلاقة بالعلوم واستخدامها لتقوية تداخل العلم في السياسة والمجتمع كفضاء للحوار والاندماج. واحداث التغيير الاجتماعي في اطار التنمية المستدامة. وفي هذا المجال نرى من الضروري تكامل الموارد الطبيعية والهندسة والعلوم الاجتماعية من اجل تصميم خطة عمل مؤثرة وموجهة الى قضايا الاستقرار العالمي والاستدامة.

5)   اليات الاستقرار والاستدامة من اجل تمويل العلوم

الاكتشافات العلمية توفر الارضية للإبداع والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. والاستثمار في العلوم يبعث الامكانيات والقدرات ويسخرها لتنمية المستقبل على المستوى الوطني. ويمثل فرصة لمواجهة تحديات العولمة لما يتضمنه من مسارات جديدة وغير منظورة في الوقت الحاضر للتكنولوجيا والتنمية الاجتماعية. وفضلا عن مواجهة الازمات الاقتصادية وتعزيز الاستقرار على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي.

لذلك فان المسؤولية الاولى للحكومات وخاصة البرلمانيين في العالم المتقدم والنامي على مد سواء بناء اليات مستقرة من اجل تمويل البحث العلمي وضمان اداء دوره في خدمة المجتمع. ولهذا تصدر الدعوة لاتخاذ اجراء عملي يؤدي الى اعداد وتدفق الاكاديميين الدوليين الى المجتمع العلمي لأداء الدور المتوقع منهم والمتمثل في استدامة مستقبل الارض، والبحث من أجل الاستقرار العالمي.

نلاحظ في الوقت الحاضر ان الحكومات الوطنية والامم المتحدة مستمرة في النقاش حول جدول  اعمال التنمية لما بعد عام 2015 ومراجعة خطة العمل للحد من خطر الكوارث. ان تطبيق جدول الاعمال والاهداف المقترحة للتنمية المستدامة يمكن ان تظهر هي ذاتها اكثر تحديا. لذلك فعلى العلماء واصحاب القرار والنخب في المجتمع المدني الاندماج في هذه العملية على المستوى الوطني والاقليمي والدولي. وما جاء المنتدى الا ليؤسس ارضية صالحة لإنبات خارطة الطريق لتنمية عالمية مستدامة. وليلتزم المشاركون فيه بالعمل على استخدام العلوم من اجل تحقيق هذه التنمية.

المصدر: مندوبية ليبيا لدى اليونسكو

Print This Post