فائزان بجائزة اليونسكو – الشارقة للثقافة العربية 2011
2012/02/28
فاز الروائي اللبناني إلياس خوري والناشر البرازيلي جواو بابتستا دي ميديروس فارجنس بجائزة اليونسكو – للثقافة العربية لعام 2011.
ألقى كل من :
* مدير عام اليونسكو ،
* رئيس دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة ،
* المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليونسكو ،
في حفل التكريم الذي أقيم بمقر اليونسكو بباريس بمناسبة منح الفائزين جوائزهما يوم أمس الاثنين الموافق 27/2/2012 كلمات بالمناسبة أشادت بأهمية الجائزة ودور المنظمة في احتضان الإبداع الثقافي والأدبي مع اسداء التقدير والشكر لإمارة الشارقة في مبادرتها لاستحداث هذه الجائزة.
وجاء في كلمة رئيس دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة ما يلي :
(تعبّر هذه الجائزة عن العلاقات الوثيقة بين العالم العربي والآداب الانسانية في مختلف أرجاء العالم .. وقد كان لها ومازال دورًا هامًا في تعزيز وشائج الصلة الثقافية الانسانية ذات الأهمية البالغة في علاقاتنا.
كما تكتسب الجائزة أهمية استثنائية لكونها تمثل محطة لقاء هام بين اليونسكو ودولة الامارات العربية المتحده، من خلال الداعم والمتابع لمسيرة الجائزة رجل الفكر والثقافة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
لقد قطعت الجائزة شوطًا هامًا على مدار السنوات الماضية، وأجْلَت أسماء وقامات ثقافية وإبداعية من مختلف البلدان، وتابعت تأصيل قواعد معاييرها الراكزة من خلال المتابعة والعناية الفائقتين لليونسكو ودائرة الثقافة والإعلام بالشارقة .. كما تتابعت آليات عملها على مدار العام من خلال الإشهار المناسب والتحكيم الرفيع والاستقرار الدؤوب للمؤلفات والأسماء والانفرادات الفكرية والإبداعية ).
كما جاء في كلمته أيضا
(وعلى خطٍّ متصل ستباشر الجائزة عنايتها بثقافة الإستعراب الموصول بالمستشرقين الذين كانوا ومازالوا يمثلون محطة هامة في إثراء التاريخ والتراث العربي .. كما أسهموا بقسط وافر في تأصيل الثقافة العربية، سواء من خلال الترجمة أو الكتابة بالعربية، وهو أمر يجعل من الاستعراب اللغوي الثقافي رافدًا هامًا من روافد الثقافة العربية تاريخًا ومعاصرةً).
وألقى مندوب الإمارات لدى اليونسكو كلمة جاء فيها :
(تجمعُنا هذا المساء ، وللمرّة العاشرة منذ تأسيسها ، جائزة اليونسكو – الشارقة للثّقافة العربيّة. وهذا الاجتماع الرّائع… الّذي يضمّ نُخبة جمهور الدبلوماسيّة والثّقافة والإبداع ، من مختلف بقاعِ العالم ، لهو أشبه بالوليمة الّتي تبسطُها أمامَنا إمارةُ الشارقة ، في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، للوصل بين الضفاف ، والحوار بين الحضارات ، وريادة آفاق التلاقي والتفاعل. ويتبلورُ هذا الهدفُ النّبيل، ويؤكّد مشروعيّته الثّقافيّة في جلالةِ روائعه، وجزالةِ مفرداته، بقدر ما تبدو المسافات متباعدة،… والحساسيّات متغايرة،… والمصالح متضاربة ومتنافرة. وعند هذا التقاطع الفريد بين مشروع الشارقة الثّقافي… وخياراتِ وأولويّاتِ اليونسكو، يتحدّدُ معنى الشراكةِ المثمرةِ بين الطرفين… في إسباغِ هذه الجائزة على مُبدعين عرب وعالميّين… أسهموا في بناء جسورِ التواصلِ بين جمهورِهم وتقاليدِهم ورؤاهم، والعالمِ الرّحبِ المترامي من حولهم.
كما جاء في كلمته أيضا
(لقد اجتازت جائزةُ اليونسكو – الشارقة للثّقافة العربيّة أعوامَها العشرة الأولى بخطى واثقة. وراكمت علامات النّجاح. ثمّ تحوّلتْ إلى مؤسّسةٍ لها ميزانيّة سنويّة، ولجنة تحكيميّة تتألّف من شخصيّات ذات وزن وصدقيّة في المحافل الثّقافيّة الدوليّة. وبات لها أيضاً جمهورُها النّخبوّيُ الواسع. وفي دورتِها العاشرة الّتي نحتفي بها، هذا المساء، تُتوّج مُبدعَين اثنين، الأوّل ، هو الرّوائي والنّاقد والمسرحي الياس خوري، صاحبُ العديد من المؤلّفات الّتي تُرجم بعضها إلى 13 لغة، منها اللّغة العبريّة. والثاّني، هو جو باتيستا دو ميديروس فارجنس. واشتهرَ مؤلّفاً، وناشراً، ومعجمياً، ومحاضراً في اللّغة والفكر العربي. ودورُه كبير في التعريف بالحضارة العربيّة – الإسلاميّة في الدّول النّاطقة بالبرتغاليّة. ولا شكّ انّ العلاقةَ عميقةٌ بين الأدبِ العربي وآدابِ أميركا اللاتينيّة، على مستوى الهمومِ والإهتمامات، والنّسيج الرّوائي، والأفقِ الإيديولوجي. وقد أسهمَ المهاجرون العرب إلى القارّة اللاتينيّة، في إقامة الجسرِ العربي-اللاتيني الكبير الّذي عَبَرت فوقه، وفي الاتّجاهين، مواهبٌ روائيّة وشعريّة ونقديّة، لعبت دوراً في إثراء الحيّز الثّقافي المتجانس والمتغاير في آن، بين العالم العربي والقارّة الأميركيّة الجنوبيّة).
وأشار مندوب الإمارات لدى اليونسكو إلى البعد التاريخي والثقافي للجائزة حيث قال :
(إنّ قصّةَ الإماراتِ العربيّةِ المتّحدةِ مع التنوّع الثّقافي والحضاري والدّيني قديمة. وترقى إلى القرن الرابع عشر، في زمنِ الإزدهار الّذي عرفته منطقة الخليج ومملكة هرمز وحواضر جلفار ودبا وخورفكّان، وصولاً إلى بزوغ شمس الدولة في 2 ديسمبر 1971، وامتداداً حتّى اليوم. وهذه القصّة، ليست مكتوبةً على مُلصق. أو تُردّد كشعار. بل إنّها محفورة في لوحة الكرامة الإنسانيّة. ذلك أنّنا نؤمن بأنّ الثّقافة الواحدة هي مجموعة ثقافات مُتغيّرة ومُتغايرة، لا تفصمُ العرى أبداً مع كينونتها الأساسيّة، ولا مع مكوّنات الانتماء إلى خصوصيّاتها الفريدة. بالطّبع، ثمة فوارقٌ ثقافيّة وفكريّة وسوسيولوجيّة. لكنّها ليست صدوعاً أو تصدّعات أرضيّة. بل مساحاتُ تواصلٍ وتفاعل، ومنافذَ خروجٍ من القوالبِ النّمطيّة، الأحاديّةِ الطابع والإتّجاه. لقد كان أنطوان دو سانت أكزوبيري سبّاقاً إلى القول: « يا أخي، إذا كنتَ تختلفُ عنّي، فأنتَ أبعدُ من أن تسيء إليّ. إنّك تزيدني ثراء ». وإلى عالم الإجتماع الفرنسي إدغار موران الّذي كتبَ أنّ « الحوارَ يستلزمُ أكثر من متحاورين مختلفين حول طاولة. ويفترضُ الخروجَ من الّذاتِ لفهم الآخر بصفته مختلفاً عنّي ». وهذه النّزعة نُطالعُها، أيضاً، لدى ريجيس دوبريه الّذي رأى أنّ « الحوارَ لا معنى له إلاّ إذا أدّى إلى تواصل أناس يفكّرون بشكل مُختلف »).
واختتم المندوب الدائم للإمارات كلمته بقوله :
(هذه هي ثوابتُنا وقناعاتُنا وسطَ موسم التّحوّلات والمتغيّرات من حولنا. إنّها البوصلةُ الّتي نسترشدُ بها للوصولِ إلى أهدافنا، وهي زرعُ السلام في النفوس قبل النّصوص، والإسهامُ في الحوار الحضاري الّذي يؤدّي إلى مجتمعات الإستقرار والإزدهارَ. من هنا أُقدّمُ أحرّ تهانيّ إلى الفائزين الجديدن بالجائزة. وهما ينضمّان إلى كوكبة 18 مبدعاً عربيّاً وعالميّاً، توجّت الجائزة قاماتهم الفكريّة في دوراتها التسع السابقة. وأدعو هنا المُبدعين العرب والأجانب، وإلى أي حقلٍ معرفيّ وجماليّ انتموا، إلى الترشّح لدى أمانة اليونسكو للفوز بجائزة الشارقة الّتي لا تستثني أيّة قيمة إبداعيّة إنسانيّة. ولا بدّ من تضافر كلِّ الجهود، وكلِّ الإرادات، للعبور بعالمِنا من الشّك إلى اليقين، ومن الظّلمة والظلاميات إلى زمن الحوار الراقي والتعاون والوئام )
وقامت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو ، صحبة رئيس دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة والمندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليونسكو بمنح الفائزين الجائزة تقديراً للجهود التي بذلاها لنشر الثقافة العربية وتعريف العالم بها.
إلياس خوري (بيروت 1948)، روائي وكاتب مسرحي وناقد وأستاذ جامعة. كتب اثنتي عشرة رواية منها الجبل الصغير، والوجوه البيضاء، وباب الشمس، وتُرجمت مؤلفاته إلى أكثر من عشر لغات. وشغل منصب رئيس تحرير الملحق الثقافي لصحيفة النهار من عام 1992 إلى عام 2009، واضطلع بدور هام في ترويج الثقافة العربية. وترى هيئة التحكيم الدولية للجائزة، التي ترأستها إيزابيلا كاميرا دافليتو من جامعة « لا سابيينزا » في روما، أن إلياس خوري « كان شاهداً على معاناة الإنسان واستطاع أن يعبّر عنها على المستوى الدولي. وأسهم كفاحه وإنتاجه الأدبي في تكوين صورة مفكر حر يعطي صوتاً لمن ليس له صوت ».
وعند استلام الياس خوري الجائزة ألقى كلمة جاء فيها :
(إن شرف أن يكون الإنسان خادماً للثقافة العربية هو التكريم الأكبر، وأنا لا أطمح أن أكون اكثر من مجرد كلمة تضيف الى قاموس ثقافتنا فكرة ان يصنع المثقف مرايا جديدة، تسمح للواقع بأن يرى صورته في افق التغيير
لا أجد ما هو اكثر دلالة من ان يتزامن تكريمكم لي مع دخول فلسطين الى منظمة اليونسكو كعضو كامل. فنحن نعلم ان علامات الحرية ترتسم اولاً في الثقافة، وحرية فلسطين هي جزء من احتمالات الحرية التي تحوّلت صوتاً يهزّ اليوم العالم العربي
لقد ناضل جيلي طويلاً من أجل قيم الحرية والعدالة، وكانت الكلمة التي تواجه السيف هي سلاحنا في مواجهة السلاح. سقط الكثير من الأصدقاء مضرّجين بدمائهم، وذهب آخرون الى المنافي، وعرف البعض ليالي السجن الطويلة. لكننا كنا على وعد الحرية الذي ارتوى بدماء سمير قصير ورفاقه، وانتظرنا هذا الوعد الذي بدأت ملامحه تتجلّى في صرخة الحرية التي انطلقت من سيدي ابوزيد، ووصلت الى حمص، حيث يقتحم الناس السماء، ويغسلون بدمائهم مياه العاصي، ويعلنون انهم ينتصرون على الموت بموتهم الذي يصنع حرّيتنا
أستطيع ان اقول إن وعينا يولد اليوم من جديد، وإننا نتعلّم من هذه الثورات حكمة الشجاعة، وتواضع البطولة
الثقافة هي ابنة الحرية ووردتها، لذا لا أجد أمامي في هذا المحفل الثقافي الكبير سوى ان أدعوكم للتضامن مع الدم الذي يراق اليوم في بابا عمرو، وان أنحني للمشهد الذي يرتسم امام عيني، مشهد الشعوب العربية وهي تمزّق اغلالها، وتستعيد حريتها وتصنع من نسيج ثوراتها افقاً ثقافياً جديدا ).
أما جواو بابتستا دي ميديروس فارجنس (ريو دي جانيرو 1952)، فهو ناشر ومؤلف ومترجم وأخصائي في علم المفردات والمعاني وأستاذ في اللغة والحضارة العربية. اهتم في المقام الأول بتأثير اللغة العربية على اللغة البرتغالية، وفاز ج. ب. دي ميديروس بهذه المكافأة، وفقاً لرأي هيئة التحكيم، « لاسهامه في دراسة تأثير اللغة العربية على اللغة البرتغالية ولأعماله الرامية إلى إبراز دور الحضارة العربية-الإسلامية في البرازيل، وفي البلدان الناطقة بالبرتغالية بشكل عام ».
ترمي جائزة اليونسكو – الشارقة للثقافة العربية، التي أُنشئت بمبادرة من الإمارات العربية المتحدة، إلى مكافأة جهود شخصيتين، إحداهما من بلد عربي والأخرى من بلد غير عربي، يكونان قد أسهما من خلال أعمالهما الفنية أو الفكرية أو الترويجية في تنمية الثقافة العربية ونشرها في العالم. ويتلقى كل من الفائزَين مبلغا من المال قدره 30 ألف دولار أميركي.
واحتفل في هذا العام أيضاً بالذكرى السنوية العاشرة لإنشاء الجائزة. واُنتظم في هذه المناسبة نقاش حول موضوع الفن والثقافة، بوصفهما وسيلتين لتحقيق السلام ودعي الفائزان وعدد من الفائزين السابقين (مثل بن سالم حميش، وعبد الوهاب بو حديبة، وشريف خزندار، وجمال الشلبي، ويوردان بيف، وأنّا برزيميس) وأعضاء هيئة التحكيم الدولية (إيزابيلا كاميرا دافليتو، ومحمد براده، وستيفن همفريز) إلى المشاركة في اجتماعي مائدة مستديرة بعنوان « نظرات على أشكال التعبير الفني الجديدة للشباب العربي » و »التراث العربي والتنوع الثقافي ».
واختتم الحفل بمقطوعات من الموسيقى العربية التقليدية أدتها لينا شماميان الفنانة السورية من أصل أرمني التي فازت في عام 2006 بأول جائزة للموسيقى منحتها إذاعة مونت كارلو – العربية.
المصدر : مندوبية ليبيا استنادا لما صدر عن اليونسكو .